خطبة الجمعة 13 رجب 1439هـ

الجمهورية اليمنية
وزارة الأوقاف والإرشاد
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للوعظ والإرشاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة الأولى
صمود ثلاثة أعوام
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
الحمد لله الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين، والحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبدالله ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن صحابة نبينا المنتجبين، وعلى سائر عبادك الصالحين.
أما بعد..
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

عباد الله: ثلاثة أعوام مضت وانقضت من العدوان الأمريكي السعودي على شعبنا اليمني العزيز المظلوم الصابر، هذا العدوان الذي بدأ على شعبنا في وضعية حساسة وخطيرة يمرُّ بها البلد، حيثُ كان يعاني من مشاكل سياسية واقتصاديةٍ كبيرة، وتم أيضاً استهداف الجيش اليمني من قبل المعتدين علينا حيث قاموا بهيكلة الجيش وتدمير الصواريخ البالستية وتعطيل منظومة الدفاع الجوي، وقد كانت هذه أولى خطوات المعتدين تمهيداً للاعتداء المباشر، بالإضافة إلى سعي المعتدين إلى منع أي تصالح سياسي عبر الحوار من خلال عملائهم في الداخل، كما قاموا أيضاً إبان العدوان علينا باغتيال الشرفاء والوطنيين بالإضافة إلى استهداف جموع المصلين في مسجدي بدرٍ والحشحوش، وقتلوا العشرات وجرحوا المئات، ثم بدأوا عدوانهم المباشر علينا في ليلة السادس والعشرين من مارس من العام 2015م وقاموا من أول غارة جوية باستهداف المناطق الآهلة بالسكان كمنطقة بني حوات بأمانة العاصمة.

أيها المؤمنون: حينما نتأمل الوضعية التي كنا عليها قبل وبداية العدوان، ونرى أنفسنا اليوم وبعد مرور ثلاثة أعوام ندرك مدى الرعاية والألطاف الإلهية التي منحنا الله إياها؛ فقد راهن المعتدون على هزيمتنا وسحقنا في أسبوع أو أسبوعين, وعلى أكثر تقدير في شهرين؛ لكنهم وعلى مدى ثلاثة أعوامٍ فشلوا وخسروا الكثير من رجالهم وقاداتهم وأموالهم، والشعب اليمني قابل كل ذلك بصمود واستبسالٍ منقطع النظير، وإن مرور ثلاثة أعوامٍ من العدوان يحمل دلالة مهمة على صمود الشعب اليمني، هذا الصمود والثبات فاجأ العدو الذي كان يعرف واقع هذا الشعب في إمكانياته المتواضعة، وظروفه الصعبة، ومعاناته الاقتصادية، ومشاكله السياسية… والكثير من العوامل التي كان يرى أنها ستساعده.
عباد الله الأكارم: إن من أهم عوامل الصمود هو العون الإلهي، فهذا الشعب عندما بدأ العدوان بوحشيته التجأ إلى الله، وتوكل عليه، ورأى في ذلك مصدر قوة ونصر وعزة، وهذا الاعتماد على الله لم يضع أبداً ولم يضع شعبنا، ولم يذهب سدىً، وكان له نتيجته وأثره، والتي كان من أولها هذا الصمود، وهذه القوة في الموقف، والفاعلية في الموقف، يقول الله: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.

والعاملُ الآخر والثاني من عوامل الصمود وهو إنما يكونُ مع بقية العَوامل امتداداً للعامل الرئيسي، ونتاجاً للعامل الرئيسي في التوكل على الله والإيْمَان بالله والرهان على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، العامل الثاني الفرعي – إن صح التعبير – هم: الشهداء: شهداء الميدان، رجال هذا الشعب وأبطال هذا الشعب الذين استبسلوا في كُلّ جبهات القتال، وقدموا أَرْوَاحهم وحياتهم في سبيل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نُصرةً لعباد الله المستضعفين.
والعاملُ الآخرُ من عوامل الثبات والصمود هو: صمود الجرحى، الكثيرُ من الإخوة الجرحى صمدوا، وكانت مسألة احتمال أن يصابَ الإنْسَان، أن يجرح في ميدان القتال وهو يتصدى لهذا العدوان لا تؤثر في معنويات المقاتلين بقدر ما يزيدُهم إحساسُهم بالمسؤولية استعداداً عالياً للتضحية بالنفس، فكيف بمستوى أن يُجرَح الإنْسَان.

والعامل الآخر هو: صمودُ أسر الشهداء وأسر الجرحى وأسر المرابطين في الجبهات، وصمود المنكوبين والمتضررين من هذا العدوان، والنازحين من المناطق المحتلة في تعز والجنوب والمناطق الشرقية، هؤلاء كانوا على درجة عالية من الصبر والثبات والتحمُّل بالرغم من حجم المعاناة.
وعاملٌ آخر أَيْضاً هو: الصبر والصمود لكافة أَبْنَاء هذا البلد في القرى والمدن بالرغم من القصف الذي شمل الجميع، وشمل الأحياء السكنية في المدن، وشمل الشوارع والحارات، وشمل القرى والأرياف؛ بالرغم من ذلك كله: الكل أَوْ في غالب الأحوال صامدون وثابتون، لم يذهب شعبُنا اليمني للرحيل من هذا البلد مع أنه استُهْدِفَ في معظم المناطق، فلا القتل ولا التدمير أوهن من عزمهم، ولا أضعف من قوتهم، ولا حطّمه أَبداً.
وكذلك من العوامل المهمة: صبر الموظفين الذين انقطعت مرتباتهم وتوقفت بعد تآمر قوى العدوان على البنك المركزي، ومع حجم المعاناة الكبيرة في لقمة العيش، المعاناة المعيشية التي يعاني منها الموظفون حتى على مستوى التغذية لأسرهم ولأَطْفَالهم، وعلى مستوى إيجار السكن، حيث يسكن البعض منهم والكثير منهم يعتمد على الإيجار، الكلُّ صمدوا رغم حجم المعاناة، ورغم مستوى المؤامرة.

ومن أَهَـمّ العوامل التي ساعدت على هذا الصمود: تماسُكُ الصف الداخلي للمكونات الرئيسية في هذا البلد بناءً على المسؤولية وانطلاقاً من الوعي، المكونات الرئيسية التي لها دور كبير في تماسك الصف الداخلي وفي الثبات في الموقف من الجميع، وقد سعى الأَعْدَاء لشق صفها، ولإثارة المشاكل فيما بينها، ولإثارة النزاعات والخلافات وتأجيجها؛ بُغية تفكيك الصف الداخلي، وبعثرة هذه المكونات ثم الانفراد بها مكوناً مكوناً حتى تصل إلى مآربها وأَهْدَافها الشيطانية في القضاء على الجميع.
ومن العوامل المهمة أَيْضاً: التحَـرّك الفاعل لكل الأَحْرَار في أوساط هذا الشعب من العلماء الربانيين والواعين والمدركين لمسؤوليتهم، ومن الوجاهات الاجتماعية من مَشَايخ وغيرهم، ومن المثقفين ومن كل الشخصيات الفاعلة من أَبْنَاء هذا البلد من مختلف المكونات والفئات التي تحَـرّكت بوعي ومسؤولية وجد واهتمام.

ومن أَهَـمّ ما ساعد شعبَنا بكل مكوناته وفئاته في صموده بالرغم من حجم العدوان، وحجم المعاناة، ومستوى التضحيات هو: الرصيد التاريخي لشعبنا العزيز كشعب أصيل متمسك بهُويته وأَخْـلَاقه وقيمه، وكشعب توّاق على الدوام للحرية.

ومن أَهَـمّ العوامل المساعدة على الصمود والثبات: المظلومية الكبيرة والممارسات الإجْــرَامية الوحشية من قبل قوى الشر والعدوان، قوى العدوان فعلت بهذا الشعب كُلّ ما يمكن أن يستفز أيَّ إنْسَان بقيت فيه ذرة من الإنْسَانية، وأيَّ رجل بقيت فيه ذرة من الرجولة، وأيَّ إنْسَان بقي فيه شعورٌ بالكرامة الآدمية، قوى العدوان قتلت الأَبْنَاء والأَطْفَال والنساء، وهدمت ودمرت المساجد، ومزقت المصاحف في المساجد بقنابلها وصَواريخها، ثم في بلدنا وفي تركيبته القبَلية، قبائل هذا البلد تتعيب من أن يقتل أعداؤُها نساءَها وأَطْفَالها، ويدمّرون منازلها، ويهدمون مساجدها، ويضربونها بكل استهتار حتى في مناسباتها أَوْ في أفراحها أَوْ في أحزانها، وأن يستبيحوا فيها كُلّ شَيْء: المنزل والمسجد والمدرسة والمستشفى والسوق والجسر والطريق والبقالة، وأن يستهدفوا كذلك فيها المقابر، وأن يستهدفوا فيها أَيْضاً المعالِم التاريخية، هذه الاستباحة التي لم تَرْعَ حرمةً لأي شَيْء أَبداً هي تستفز قبائلَ اليمن، ولا يخرج عن هذه الأعراف تجاه هذه المسائل، وفي مواجهة هذه الاستباحة إلا البيّاعون الخائنون الذين – أَيْضاً -هناك أعراف بحقهم في هذا البلد.

أَيـْضاً من العوامل المهمة للصمود بالأمس واليوم وبعد اليوم وعلى مدى الزمن هو: إدْرَاكُ الأَحْرَار في هذا البلد، والحكماء في هذا البلد، وذوي المسؤولية في هذا البلد لحقيقة أَهْدَاف قوى العدوان، ومن يقف وراء هذا العدوان.
أيها المؤمنون الأكارم: يجب أن نفهم جيداً ونسعى إلى تفهيم الآخرين أن رأس هذا العدوان وأن المدّبر، والمدير، والمتحكم، والمشرف، والآمر، والمخطط هو:أمريكا، وأما قلبه في كل شعوره ووجدانه هي: إسرائيل، وأما أدواته التي تباشر الدور الرئيسي في التنفيذ والتحرك في الميدان هي: قوى العمالة والارتهان، وعلى رأسها: النظام السعودي العميل ومعه النظام الإماراتي.

ويجب أن نفهم أيضاً أن أهداف العدوان ليست كما يدعون أنها من أجل إعادة الشرعية، ومن أجل الأمن والاستقرار وغير ذلك من الكذب والدجل والتزوير الواضح والمكشوف, وساذجٌ وغبيٌ وواهمٌ من يصدق كل ذلك، إن من أهم أهداف العدوان الأمريكي السعودي علينا هو: استهداف واستعباد واحتلال هذا الشعب باعتباره من أهم الشعوب البارزة في المنطقة، فهذا العدوان هو غزوٌ استعماري تدميري يستهدف الشعب اليمني المسلم باعتباره من أهم شعوب المنطقة، ويحسب الأعداء له ألف حساب لاهتمامه بقضايا المنطقة، ولموقفه من أمريكا وإسرائيل، وفي توجهه الحر نحو الاستقلال، والأمة بكلها مستهدفة؛ لكن هناك شعوب بارزة في الأمة؛ فيبدأ العدو بالتخلص منها؛ لأنه إذا تخلص منها سيتخلص من البقية بسهولة، وهو يرى في هذه الشعوب أنها تمثل عقبةً أمامه، وضمن هذه الشعوب يقع الشعب اليمني المسلم المعروف بتمسكه بهويته، وبتفاعله الحي والبارز مع قضايا الأمة الكبرى فهو شعب يهتف بالموت لأمريكا وإسرائيل، ويهتم بالقضية الفلسطينية.
أيضاً من أهم أهداف العدوان جغرافية هذا البلد المهمة؛ فباب المندب والجُزر الموجودة يرى فيها العدو عاملاً مهماً على مستوى العالم الإسلامي لإركاعه، وكذا على مستوى القوى المنافسة في العالم مثل الصين وروسيا وغيرها.

كذلك من ضمن أهداف العدوان هو: الثروة الواعدة في هذا البلد؛ لأن مما عرفه الأعداء من خلال عمليات المسح والاستكشاف التي تشير إلى مخزون هائل من النفط والغاز والمعادن الأخرى خصوصاً في المناطق الشرقية الممتدة من حضرموت إلى الجوف، وعلى المستوى التجاري بموانئه في عدن والمخا وسقطرى وغيرها.
وهذا العدوان أيضاً هو تنفيذ لأجندة أمريكا وإسرائيل في المنطقة؛ لتفكيك كيانها، وضربها، وقتلها، ودمارها، وتخريبها، وإضعافها، وكذلك يستفيد الأمريكيون من الجانب الاقتصادي من خلال مئات المليارات من البترودولار التي تذهب إلى خزانته من الأعراب الجفاة الأشد كفراً ونفاقاً بدلاً من أن تستفيد منها شعوبهم ويبنوها،

والإسرائيلي يحسب الحسابات السابقة، ويحسب أيضاً أن هذه الأحداث تلهي الأمة عنه؛ فتسنح له الفرصة أن يستقر ويشتغل ليثبت وجوده، ويكون له نفوذ أكبر على مستوى المنطقة تحت عنوان أنه حليف لأولئك الأعراب، وهذا سيوفر لنفسه حماية من خلالهم؛ ليدافعوا عنه، وليخوضوا معركته بعناوين عربية وزائفة، والنظام السعودي يرى أنه لا يمكن أن يكون له دور في المنطقة إلا من خلال التبعية العمياء والمطلقة للأمريكي، والتماهي التام مع الإسرائيلي تحت عنوان التحالف مع إسرائيل وكذلك النظام الإماراتي.
أيها المؤمنون الأكارم: إن هذا العدوان على بلدنا هو أَكْبَـر حربٍ قائمة في العالم اليوم، ولكن هل تمكن بكل وحشيته وإمكاناته، وبكل جبروته وطغيانه من كسر إرادتنا؟ لا، لن يكسر إرادتنا، ولن يوهن من صلابتنا، ولم يسهم أَبداً أَوْ يدفعنا لوهنٍ أَوْ ضعفٍ في العزم أبداً، بل هو مما يزيدُنا عزماً، وقناعة، ووعياً، وإيْمَاناً، وثباتاً، وصموداً.

والأعداء انتظروا أن تنتهيَ الحرب في الأَسَابيْع الأولى، ما الذي حدَثَ إلى اليوم؟ تطورت قدرات بلدنا العسكرية ضمن برنامج تصاعدي، وتنامت الخبرة العملياتية والقتالية لرجال البلد في الميدان، وتنمو أَكْثَــر.
وكذلك تساهم الأحداث هذه في أَكْبَـر عملية تنظيف وتطهير للبلد من العفن والقاذورات المتمثل بالخونة والعملاء من كُلّ فئات الشعب، يعني أَكْبَـر عملية تنظيف وتطهير تتم اليوم.

وهذا العدوان قدّم شاهداً إضافياً للشعب أن لا يراهن أبداً: لا على مُؤَسّسات دولية كالأُمَـم المتحدة أَوْ مجلس الأمن، وأن نعتمدَ على الله وعلى أنفسنا نحن، ولا يمكن أن نتجاهل طبيعة الدور السلبي للأُمَـم المتحدة ولمجلس الأمن، ما من شك أبداً في أن الأُمَـم المتحدة لعبت دوراً سلبياً، منذ بداية العدوان وَإلى اليوم: سعت إلى تقديم غطاء على العدوان وعلى جرائمه الفظيعة والكبيرة والمشهودة، وفي كثير من الأحيان قدّمت توصيفات خجولة وانتقادات متواضِعة ومواقف متذبذبة ومتناقضة ومتردّدة ومضطربة، فهذا واحد من الأدوار السلبية، انحازت إلى صف العدوان وتبنّت مزاعمه وافتراءاته، وفي كثير من القضايا والأمور حاولت التقليلَ من مستوى الجرائم حتى في تقديم الأرقام: تقدم أرقاماً منخفضة، وعملت في المفاوضات عملية تمثيل سخيفة، وكأن هناك جدية في السعي لتحقيق السلام ووقف العدوان وانتهاءِ الحرب وحل المشكلة، فلم تكن أَكثر من عملية تمثيل فقط؛ لمحاولة إقناع القوى الحرة بالاستسلام وليس السلام، حاولت في أدائها فيما يتعلق بالمعونات الغذائية أن تكون على نحوٍ محدودٍ جدّاً، أرادت أن تكون مجرّد عملية خداع وليس إعانات اغاثية جادة، وحتى في كثير من الحالات كانوا يقدمون مواداً غذائية فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، دور سلبي بكل الاعتبارات، أي شعب في الدنيا وأي ناس عليهم عدوان ولديهم مظلومية؛ فليعوا جيّداً وليعرفوا وليوقنوا وليتأكدوا أنه لا أُمَـم متحدة ولا مجلس أمن ولا عامل غربي ولا أوربي ولا أي طرف من هذه الأَطْـرَاف يمكن أن يقطعَ عنه شراً أَوْ أن يخلصَه من مظلومية أبداً؛ التوكل على الله، العزم، الثبات، تحمُّل المسئولية هو الشي الذي يفيد ويجدي.

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم * وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
عباد الله: قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وارض اللهم عن صحابة نبينا المنتجبين، وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد ..
أيها الأكارم: من نعم الله علينا وهي نعمة عظيمة، أن تكون هويتنا كشعب يمني وكأمة مسلمة هي الهوية الإيمانية، هذه الهوية التي إن حافظنا عليها حافظنا عليها في الانتماء، حافظنا عليها في الالتزام، حافظنا عليها من خلال الوعي بها، حافظنا عليها في تنقيتها من الشوائب الدخيلة التي تدخل إليها وليست منها، سواء ما كان منها بشكل عقائد أو أفكار أو سلوكيات أو عادات، وهي دخيلة، ليست منها، ليست في أصلها، إنما دخلت من هنا أو هناك، إن حافظنا على هذه الهوية حافظنا على أعظم هوية تمثل أهم وأعظم ما يمكن أن نتماسك به، ما يمكن أن يحافظ على وجودنا، ما يمكن أن يمثل أهم عامل قوة بالنسبة لنا، أهم ضمانة لفلاحنا ونجاحنا وصلاحنا وقوتنا وعزتنا وكرامتنا ومنعتنا، وأهم ما يمكن وأعظم ما يمكن أن نعتمد عليه ونستند إليه في مواجهة كل التحديات، وكل الأخطار، مهما كانت، فلا تتمكن من أن تهدّ كياننا، ولا أن تسقط كياننا، ولا أن تقضي على وجودنا كأمة عظيمة، وشعب عظيم.

نحن اليوم نقول: هويتنا الإيمانية (الإيمان يمان)، والإيمان ما هو؟ هل هو عبارة عن منتج محلي نصدره في اليمن؟ ونصدره إلى بقية العالم مثلما يطلق على الحليب حليب يماني أو منتج آخر؟ لا. هل هو عبارة عما في بلدنا من أشكال مادية، جبال، أو أشجار، أو شيئا متجسدًا بشكل ماديٍّ، لا. الإيمان مبادئ، الإيمان قيم، الإيمان أخلاق، الإيمان مفاهيم، تنزل إلى واقع الحياة، تبنى عليها الحياة، الإيمان مواقف، الإيمان مواقف، فالإيمان منظومة متكاملة من المبادئ والقيم، والأخلاق والسلوكيات، والأعمال والمواقف، ومسار حياة، ومشروع حياة، وبالتالي نحن معنيون إلى أن نرتبط دائما فيما نحن عليه من عقائد، من مواقف، من سلوكيات، من أعمال في نمط حياتنا، في شكل حياتنا، في واقع حياتنا، أن ننطلق بناءً على هذه الهوية، بناءً على هذا الانتماء، وأن نحسب حسابه في كل شيء، وأن ننطلق من خلاله في كل شيء، في سلوكياتنا في أعمالنا، في تصرفاتنا، في اتجاهاتنا، في مواقفنا، في أعمالنا، أن ننطلق منطلقا إيمانيا، والقرآن الكريم قدم لنا عن هذا الإيمان كيف هو، مواصفات المؤمنين كيف هي، آيات كثيرة تتحدث عن المؤمنين، في روحيتهم، في مبادئهم، في أخلاقهم، في سلوكياتهم، في اهتماماتهم، في جوانب كثيرة، تحدث عنها القرآن الكريم، وننبه أن الهوية الإيمانية والإيمان في مبادئه، في قيمه، في أخلاقه، هو يمثل أهم عامل وأقوى عامل في التماسك، في الثبات، في الصمود، في مواجهة التحديات، يعني لهذا الموضوع علاقة مهمة، فيما نعاني منه اليوم، في التصدي للعدوان، في مواجهة التحديات التي نعيشها في هذه المرحلة، بقدر ما تتعزز هذه الهوية، وتترسخ هذه الهوية، وننطلق من خلالها بقدر ما نكون أقوى، في واقعنا المعنوي، والعملي، وأعظم تماسكا، وأشدّ ثباتًا في مواجهة كل هذه التحديات، وأقدر على صناعة الانتصار في هذا الصراع، في هذه المشاكل، في هذه التحديات.

الإيمان له مبادئ مهمة وعظيمة، كلها تمثل عاملاً مهما في أن تكون قوياً في هذه الحياة، في أن تكون متماسكاً، كفرد وكشعب وكأمة، تعزز هذه الحالة من المنعة، والقوة، والصمود، وتساعد على الموقف المطلوب، الموقف الصحيح، الموقف الذي يُبنى عليه النصر.
أيها المؤمنون: مرّ بنا في هذا الأسبوع أحداث تاريخية مهمة حُق لها أن تُكتب بأقلام من ذهب، وهي ذكرى مرور ثلاثة أعوام من العدوان الأمريكي السعودي، وقد احتشد الشعب أحتشاداً جماهيرياً، وحضوراً مشرفاً في ميدان السبعين بصنعاء، وفي الساحل الغربي بالحديدة، خرج الشعب ليعلن أنه أصلب عوداً، وأقوى عزماً وشكيمة في مواجهة العدوان، وليلة الاحتفال اقتحمت القوة الصاروخية العام الرابع بصواريخ بالستية ضربت المملكة، ووصلت إلى عاصمة قرن الشيطان، وإلى نجران وجيزان، وكما تم استهدافنا قبل ثلاثة أعوامٍ ليلاً، اليوم أصبحوا هم المستهدفين والقلقين والمرعوبين، وقد أسمعوا العالم صراخهم وعويلهم, وسيصرخون أكثر وأكثر في قادم الأيام مادام عدوانهم وحصارهم مستمراً؛ ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، وكذلك اقتحمنا العام الرابع بتدشين مرحلة جديدة للدفاع الجوي التي باتت اليوم تقلق طائرات العدوان كما حصل مؤخراً لطائرات الإف 16 الإماراتية، وسنصل إلى اليوم الذي ستصبح فيه أجواء اليمن محصنةً بقوة الله العزيز الجبار، وكذلك نحمد الله على الانتصارات المتتالية للجيش واللجان والتي كان من آخرها الانتصارات في جبهة نهم، وختاماً نؤكد على ضرورة اقتحام العام الرابع من العدوان الأمريكي بمواصلة الصبر والصمود والتحدي، ورفد الجبهات بالمقاتلين، وإخراج القوافل الشعبية؛ كما لا ننسى أن نشكر شرفاء الجيش الأبطال الذين تفاعلوا مع دعوة وزارة الدفاع ونراهم يتخرجون تباعاً ويتحركون للمشاركة في شرف الدفاع عن بلدهم وشعبهم مستجيبين بذلك لله ولنداء الوطن ونداء الأشلاء من الأطفال والنساء، هؤلاء هم صمام أمان اليمن ودرعه الحصين ورجاله البواسل وحماته الشرفاء، وحجره الصلب الذي ستتحطم عليها كل المؤامرات ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾، ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾.

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم فصل وسلم وبارك وترحم وتحنن على نبينا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة الزهراء، وعلى الحسنين الشهداء، وعلى جميع آل رسول الله، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في مختلف الجبهات، اللهم سدد رميتهم وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يأكرم الأكرمين، اللهم اسقنا الغيث الهنيء المدرار وبارك لنا في الزروع والثمار، ﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صادرة عن الإدارة العامة للوعظ والإرشاد قطاع التوجيه والإرشاد بالوزارة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة