
صنعاء ليست دمشق ، وترامب ليس الله
إبراهيم مجاهد صلاح
فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية كانت زوبعة في فنجان أوهمت المرتزقة بأن لحظة خلاصهم قد أزفت، فتورمت نفوسهم، وانتفخت صدورهم، وحسبوا أن الرجل ما إن تطأ قدماه عتبة البيت الأبيض حتى يشهر سيفه ليقتحم بهم صنعاء كما يُفتح باب بيت مهجور
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بفحيحهم وعويلهم، هذا يتبجح بأن صنعاء ستسقط في يومين، وذاك ينفخ صدره وهو يعلن جاهزية مُطلقة، وآخر يتقيأ تطمينات زائفة لأهالي صنعاء والحديدة بأن الزموا بيوتكم فلن يمسكم أذى، وواحد يتشدق بأن جولاني اليمن قد انتُخب، وآخر يهذي بأن عام 2025 لن ينتهي إلا وعلم الجمهورية مرفرف على قمة نقم، بل وبلغ الهوس ببعضهم الى أن يسب نفسه إن لم يدخل الحديدة في اليوم التالي
يا لسخف عقولهم يا لتفاهة أحلامهم ، ظنوا أن صنعاء والحديدة نسخ باهتة من دمشق وإدلب، ولم يدركوا أن صنعاء اليوم هي قلعة من نار، وعرين من صبر وحديد، وأن في جعبتها من أدوات الردع والتفوق ما يجعل الفرط صوتي أقرب إلى لعب الأطفال سلاح لم يُشهر بعد في وجه سيدهم الأعلى ترامب، الذي لم يكن أقوى رجال الأرض فحسب، بل كان في عيونهم مخلصاً فوق البشر ، فإذا به بالأمس يقف علناً، يجر أذيال الخيبة و الهزيمة، يُعلن للعالم بأسره أنه تلقى صفعة مدوية من جيش لا تملكه إلا اليمن، جيش وثق بالله وتمسك بحبلِ الله المتين جيش ولايتهُ لله ورسوله واعلام الهُدى جيش حمل على عاتقه نصرة المظلومين في فلسطين الذين خذلهم المسلمين طوال أكثر من قرن من الزمن الجيش الذي كتب على جبين الزمن أنه لا ينحني ولا يُقهر وانهُ لن يقبل أن تُستباح الدول العربية من قبل الأعداء
لقد ارتدت عليهم أوهامهم ارتداد السهم إلى النحر، فأسقطتهم في دوامة الخيبة، تقاذفتهم الأسئلة المصيرية أين صنعاء التي كنا نحلم بها؟ أين الجولاني؟ أين يومان؟ أين الحديدة؟ أين نقم؟ لقد لفظتهم الأحداث كما يُلفظ الغريق آخر أنفاسه، وها هم اليوم يترنحون، لا يدركون أين المفر، ولا كيف يكون المصير
فاليوم ننصحهم ونقول لهم ،رغم كل هذا السقوط المروع، ورغم ما ارتكبتموه من خيانة كبيرة بحق اليمن واليمنيين، لكن ستجدون في صنعاء قلباً يفتح لكم باب العودة، وقيادة سياسية لم تُغلق نافذة التواصل مع من ضلوا الطريق، لكنها نافذة لن تظل مشرعة إلى الأبد، اغتنموا الفرصة، وعودوا قبل أن تبتلعكم عاصفة لا تُبقي ولا تذر، قبل أن تُطوى صفحاتكم من سجل هذا الوطن فلا يُذكر منكم إلا لعنة الخيانة وعار الارتزاق ، لقد آن لكم أن تفهموا اليمن ليس ساحة لتصفية حساباتكم، وصنعاء ليست رقعة شطرنج يتسلى بها سادتكم هذه صنعاء، قلب العروبة النابض، وهذه اليمن، مقبرة الطامعين على مر التاريخ