
بين السجاد الأرجواني لخليج الذل والخيانة وسماء العزة اليمنية: صواريخ المدد تستهدف مطار اللد
بقلم: فيصل أحمد الهطفي
في لحظة هي من أحلك لحظات الذل والانحطاط في تاريخ الأمة، كانت القصور تفتح أبوابها في الخليج لاستقبال الطاغية الأكبر، دونالد ترامب، الرجل الذي لم يُخفِ عداءه للإسلام، ولم يُوارِ نفاقه، ولا تستره همجيته. لكنه دخل على بساط بنفسجي، محاطًا بالرقص والولاء والهتاف والولائم، واصطف الملوك والأمراء لتقديم الطاعة له وكأنه نبي مرسل أو فاتح منتصر. لقد سقطت كل الأقنعة، وظهر عيانًا من الذي يقف مع الله ومن الذي يركع لإبليس، من الذي يُناصر فلسطين ومن الذي يطعنها في الظهر.
في ذلك المشهد المخزي كانت الوفود تتسابق للتقرب من ترامب، لا لإدانة جرائمه، بل لتجديد البيعة له، وتقديم أموال الأمة قرابين على مذبح المشروع الصهيوني: مئات المليارات، ذهبٌ وكنوزٌ ونفطٌ وخزائن فتحت بلا قيد ولا شرط، ليس لبناء الجيوش أو تحرير الأقصى أو دعم المستضعفين، بل لخدمة الكيان، وتأمين العدو، وإنعاش اقتصاده، وتمويل صفقاته، وتسليح آلات قتله، بل لتمويل صفقة القرن وبيع ما تبقى من فلسطين.
وكان ترامب يتبختر في أرض الجزيرة وكأنها مزرعة شخصية يقطف منها ما يشاء ويترك ما يشاء، بينما حكام الخليج يرقصون فرحًا باصطفافهم تحت رايته، في مشهد يجعل حتى المنافقين الأوائل يخجلون من فعلهم. كيف وصلت الأمة إلى هذا الدرك من الذل؟ بينما كانت غزة تُقصف، وبيوتها تُهدم، وأطفالها يُقتلون، وأمهاتها يُذبحن، كان ترامب يُستقبل بالسيوف الذهبية، والعزف العربي، والولاء الخانع، وحكام الخليج يتفاخرون بالولاء، يتهافتون على الرضا الأمريكي كعبيد لا كرجال، كأدوات لا كقادة، يبتسمون وهو يُشرّع الاستيطان، ويهزّون رؤوسهم وهو يُهين المسجد الأقصى، ويقدّمون الهدايا وهو يُبارك للكيان قتل الأبرياء.
ويا ليتهم فعلوا ذلك خفية، بل كان كل شيء علنيًّا، مصورًا، مسجلاً، وكأنهم يريدون أن يقولوا للأمة: نحن عبيدٌ لأمريكا، وُجدنا لنخدم مصالحها، ولن نحيد عنها ولو سالت أنهار من دماء المسلمين في فلسطين.
أما الجولاني، ذاك الوجه المتصهين الذي تلبّس ثوب الثورة زورًا، وادّعى الجهاد كذبًا، فما لبث أن ظهر بلحيته المزيفة ولسانه المرتعش يُعلن الطاعة لرأس الكفر ترامب، بل يسارع لتقديم أوراق الاعتماد، في لهجة تخجل منها حتى الخنازير، إذ يتحدث مطمئنًا أمريكا بأنه لا يُشكل خطرًا عليها، ولاعلى ربيبتها إسرائيل ، بل إنه في صفّها، ويُدين الإرهاب كما تُعرّفه هي، ويدعو إلى نموذج سوري جديد تحت الإشراف الأمريكي الصهيوني.
لقد انكشف تمامًا، وتبيّن أنه ليس أكثر من بيدق في رقعة شطرنج تديرها المخابرات الغربية، ومجرد خادم في مشروع تقسيم الأمة وتفتيت قواها وتقديمها على طبق من دم للصهاينة. ولئن كان المطبعون في الخليج خانوا بأموالهم، فإن الجولاني خان باسم الدين، وأساء إلى راية الجهاد، واستغل آلام الناس ليتحوّل إلى مرتزق في سوق النفاق الدولي.
وهكذا اجتمع الخونة من كل حدب وصوب في خندق واحد: خندق أمريكا وإسرائيل، وتكشفت المعركة الكبرى معسكران لا ثالث لهما: معسكر النفاق والعمالة، ومعسكر الجهاد والمقاومة.
وأمام هذا المشهد المخزي، وقف اليمن برجاله وصواريخه، يكتب ملحمة من نور، ويعلن للعالم أن هناك من لا يزال حيًّا في هذه الأمة، أن هناك رجالًا باعوا أنفسهم لله، أن هناك من لا يساوم، ولا يخضع، ولا يخاف.
من أرض اليمن خرجت الصواريخ عابرةً فوق رؤوس المطبعين، واخترقت سماء الجزيرة، وتجاوزت قواعد العدو وأبراج العمالة، ودكت مطار اللد في عمق الكيان المحتل، معلنةً أن الأمة ليست ميتة، وأن في اليمن رجالًا يواجهون ترامب بالصواريخ لا بالهدايا، ويخاطبونه بنداء الصرخةفي وجه المستكبرين لا بنداء الخضوع، ويقابلون زيارته للرياض بهجومهم على تل أبيب.
أي مفارقة أعظم من هذه؟ بينما تُفتح القصور هناك، تُفتح بطاريات الصواريخ هنا، بينما تُقدَّم له السيوف المذهبة هناك، يُستقبل بنيران الحق هنا، بينما يرقص له الخونة هناك.
يهتف الأحرار:
الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام
لقد أراد ترامب أن يُذل الأمة، فخرج له اليمن من تحت الركام ليقول له: نحن عباد الله، لا نخافك، ولن نركع لك، ولن نهادن من يقتل شعب فلسطين، ولن نصمت على حصار غزة، ولن نشارك في مؤتمرات العار، ولا صفقات الخيانة.
فليذهب ترامب وجنوده وأحذيته إلى الجحيم، وليعلم الجميع أن اليمن لا يُشترى، ولا يُباع، وأن دماء الشهداء لا تُساوم، وأن فلسطين قضية مقدسة لا تموت، وأننا وعد الآخرة، جنود الله، وحاملو راية الحق، ورافعو شعار البراءة من أعداء الله ، ومقاتلو الهيمنة، ومدمرو الكيان.
نحن الذين سنغير معادلة الشرق الأوسط لا من واشنطن، بل من صنعاء، لا بصفقات التطبيع، بل بصواريخ النكال، لا بمهرجانات الخنوع، بل بميادين العزة. مستعينين بالله القوي العزيز الجبار
وحين كان ترامب يُستقبل وسط تملق ملوك النفط، كانت دماء أطفال غزة تُستصرخ: ألا من ناصر ينصرنا؟
وها هو اليمن يجيب:
لبيك يا أقصى، لبيك يا قدس، لبيك يا غزة، لن نترككم وحدكم، لن نسكت على الدم المسفوح، لن نغض الطرف عن المجازر، وإن صمت العالم بأسره، فإننا نقاتل عنكم، ونقصف عنكم، ونُهتف باسمكم.
ولتسقط كل مشاريع التطبيع، وليُكسر كل قلمٍ كتب في اتفاقيات الخيانة، ولتُقطع كل يدٍ صافحت العدو، ولتُلعن كل لسانٍ بارك لترامب الكافر، وكل قلبٍ خفق حبًا لأمريكا.
فهؤلاء ليسوا من أمة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من أتباع القرآن، بل هم عبيد الشيطان، وأذناب الكيان.
وأما نحن، فإننا على العهد، حتى تحرير كل شبر من فلسطين، وحتى إزالة كل علم صهيوني، وحتى سقوط كل طاغية مطبع.
وإننا على يقين، أن هذه الأمة التي تنجب غزة وصنعاء، لن تموت، بل ستنتصر بإذن الله.