
السيد العلامة بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) – عالم رباني ومجدد قرآني
بقلم: فيصل أحمد الهطفي
السيد العلامة بدر الدين بن أمير الدين الحوثي (رضوان الله عليه) أحد أعلام العلم والجهاد، ومن أبرز علماء اليمن في العصر الحديث. جمع بين غزارة العلم ووضوح الرؤية، وبين الصلابة في الموقف والبصيرة في المنهج، فكان بحق حامل لواء الهداية الإلهية في واقع الأمة المتردي.
وُلد السيد العلامة بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) في مدينة ضحيان بمحافظة صعدة، في أسرة علم وزهد، ونشأ على حب القرآن والعلم والمعرفة، فحفظ القرآن الكريم وهو صغير، وشرع في دراسة العلوم الدينية وتَتلمذ على يد والده السيد العلامة أمير الدين والكثير من العلماء الأفاضل.
امتاز السيد العلامة بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) بالتعمق في الفقه الزيدي، وأصول الدين، والتفسير، وعلم الحديث، واللغة. كان يبحث دائمًا بميزان القرآن الكريم، ويعود إلى المحكمات في كل القضايا. عُرف عنه نقده للأخطاء الفكرية والانحرافات في الساحة الدينية، وتحذيره من التقليد الأعمى والجمود المذهبي، وكان يرى أن العودة الجادة إلى القرآن الكريم هي المنقذ الحقيقي للأمة، مؤكدًا دومًا أن الدين لا يُقبل ممن لا ينصر الإسلام ولا يعادي أعداء الله، قائلاً: “إذا لم ننصر الإسلام ونعادِ أعداء الله فالدين لا يُقبل منا”.
مع انطلاق المشروع القرآني على يد ولده الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، كان السيد العلامة بدر الدين الحوثي في مقدمة المؤيدين والمناصرين، واعتبر هذا المشروع هو الأمل في إنقاذ الأمة من هيمنة أعدائها وضلال مناهجها. لم يكن مجرد مؤيد، بل كان مرشدًا ومعلِّمًا وموجِّهًا، شارك في إعداد الكوادر، ونزل إلى الميدان، وواجه الطغاة بثبات وشجاعة، وتعرض للاضطهاد والملاحقة، لكنه لم يتراجع ولم يساوم، بل أعلنها صراحة: “نحن على هذا الطريق ماضون، ولن نعود عنه أبدًا، ولو قُتلنا جميعًا”.
خلف الكثير من الكتب العلمية، وفي مقدمتها كتاب “التيسير في التفسير”، الذي يُعد من أعمدة التفسير في الساحة الإسلامية المعاصرة، حيث جمع بين عمق الفهم وروح القرآن والطرح الواقعي المباشر. عرف بموقفه الثابت من أعداء الله، وأدان الظلم والفساد، وفضح المتواطئين والمطبعين والمتخاذلين، وكان واضحًا في خطابه وصريحًا في مواقفه، لا يخشى في الله لومة لائم، وصرّح مرارًا أن من لا يقف في وجه الباطل فقد رضي به، والساكت عن الحق شيطان أخرس. كما كان يهتم اهتمامًا كبيرًا بقضايا الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ويرى أن الوقوف مع شعبها المظلوم واجب ديني لا يقبل التأجيل ولا التهاون.
انتقل السيد العلامة بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) إلى جوار ربه في 19 ذو الحجة 1431هـ الموافق 30 أكتوبر 2010م، بعد حياة حافلة بالعلم والجهاد والصبر، ودُفن في مدينة ضحيان. لم يكن مجرد عالم، بل كان ربانيًا، مربيًا، قائدًا، ومجددًا. خرج من مدرسته رجال حملوا راية المشروع القرآني، كان في مقدمتهم الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، والسيد العلامة الشهيد عبد الله علي مصلح، والسيد العلامة الشهيد زيد علي مصلح، والكثير من العلماء المجاهدين الذين نذروا حياتهم لله، وبذلوا مهجهم في سبيل الحق. واليوم يقود المسيرة القرآنية المباركة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، مواصلًا طريق الجهاد، ورافعًا راية الحق في وجه الطغاة والمستكبرين، حتى أصبح صوت اليمن يرعب الأعداء، ويقض مضاجع اليهود والنصارى والمنافقين.
لقد جسّد السيد العلامة بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) معنى العالم العامل، والعارف الثابت، والمرجع المجاهد، وترك للأمة طريقًا واضحًا، لا التباس فيه: العودة إلى القرآن، ومواجهة المستكبرين، واليقين بوعد الله ونصره لعباده المؤمنين.