
الإمام زيد بن علي (عليه السلام).. شرارة الثورة المتقدة في وجه الطغيان
تهامة نيوز
✍️ بقلم: فيصل أحمد الهطفي
لم تكن ثورة الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) مجرّد هبّة غضب عابرة في تاريخ الأمة، بل كانت صرخة وعي متقدة، تجسّد روح الإسلام الأصيل، وتستنهض ضمير الأمة في مواجهة الجور والانحراف. خرج الإمام زيد وهو يحمل مشعل الهداية، ليعيد الأمة إلى الإسلام الحقيقي، إلى النهج المحمدي العلوي الحسيني، ويواجه انحراف السلطة الأموية التي استباحت الأمة، وقلَبت مفاهيم الدين، ومسخت مبادئ الإسلام، فصارت الخلافة ملكاً عضوضاً، وتحوّلت القيادة إلى عصابة فساد تشتري الذمم وتستعبد الناس.
لم يخرج الإمام زيد طلباً لسلطة، ولا سعياً وراء جاه، بل خرج ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، خرج ليقيم العدل ويواجه الظلم، وهو يدرك أن طريقه محفوف بالمخاطر والمشانق، لكنه آثر الكرامة على حياة الخنوع والذل، والموقف على المساومة، والخلود على الانكسار.
لم تكن كربلاء نهاية الحكاية، بل بدايتها، وجاءت ثورة الإمام زيد لتؤكّد أن خط الشهادة مستمر، وأن الحسينيين لا يمكن أن يسكتوا على الظلم، ولا أن يصافحوا أيدي الطغاة. جاء الإمام زيد ليقول إن الإسلام لا يُختزل في صلاة بلا موقف، ولا في عبادةٍ منزويةٍ عن معركة الحق والباطل، بل هو ثورة دائمة على كل طاغية، وصراع لا ينتهي مع الظالمين والمستكبرين.
اليوم، تعود ذكرى الإمام زيد بن علي (عليه السلام)، والأمة تئنّ تحت وطأة الاستكبار، فلسطين تغرق في الدم، وغزّة تحاصرها الجراح، والعدو الصهيوني يرتكب المجازر بمشاركة أمريكية ودعم غربي معلن، بينما يتواطأ كثيرون بالصمت والتطبيع، ويساومون على دماء الأبرياء. وهنا يتجلّى الحسين، ويتجلّى زيد، في صرخة اليمنيين، في صمود المجاهدين، في صواريخ الكرامة التي تنطلق من يمن الإيمان لتدكّ حصون العدو، وتُعلن أن الأمة لا تزال تنجب أحراراً.
إن إحياء ذكرى استشهاد الإمام زيد ليس مناسبة للبكاء والرثاء، بل هو مدرسة متكاملة مليئة بالدروس والعبر، بالوعي والبصيرة. إنها محطة لاستنهاض الضمائر، وإشعال جذوة الوعي، وتجديد العهد مع الله ومع المستضعفين، على المضيّ في درب الحق مهما كان الثمن. وكما قال سلام الله عليه: “والله ما كره قوم حر السيوف إلا ذلّوا.”
يا ابن زيد، أليس قد قال زيد:
“من أحب الحياة عاش ذليلاً”
كُن كزيد، فأنت مهجة زيد
واتّخذ في الجنان ظلًا ظليلًا