الإمام زيد بن علي.. شعلة الجهاد الخالدة في وجه الطغيان الأموي والأمريكي

تهامة نيوز

✍️ بقلم: فيصل أحمد الهطفي

في زمن الخنوع والسكوت، زمن تزييف الدين وتكريس الذل، برز الإمام زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) كوهج ثورة في وجه ليل الطغيان، ليعلن للأمة أن الدم الطاهر لا يُسكت، وأن صوت القرآن لا يُطفأ، وأن في العروق لا يزال نبض الكرامة حيًّا. ما أشبه الأمس باليوم، وما أعظم الدروس حين تتجلّى في زمن تتجدد فيه المؤامرات، ويُستنسخ فيه الطغيان بوجه أكثر بشاعة، من بني أمية إلى بني صهيون!
لم يكن الإمام زيد بن علي (عليه السلام) مجرد ثائر غاضب، بل كان حامل لواء القرآن، حليف كتاب الله، ربيب الحسين وسليل النبوة. نهض ليستعيد للإسلام روحه المفقودة، ويعيد للأمة بصيرتها المسلوبة. كان يدرك أن أساس البلاء هو انفصال الأمة عن القرآن، حين يصبح حبيس المحاريب والمناسبات، ويُفصل عن الحياة، ويُفرغ من جوهره المقاوم، التغييري، والتحرري. كان يصيح في الأمة صيحة الوعي: “البصيرة! البصيرة!”، وكان يرفض أن يورّث الذل للأجيال، ويردد كلمته الخالدة: “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت!”
حكم بني أمية لم يكن خلافة، بل استعمارًا دينيًّا، جثم على صدر الأمة بالحديد والنار، فقتلوا العترة، وأحرقوا الكعبة، وانتهكوا المدينة، وأهانوا الصحابة، وفتحوا أبواب قصورهم لليهود والمستهزئين برسول الله صلى الله عليه وآله. جعلوا من الدين مطيّة للظلم، ومن القرآن غلافًا لباطلهم، فغدت الأمة بين أيديهم عبيدًا، ((اتخذوا دين الله دغلاً، وعباده خولًا، وماله دولًا)).
في ذلك المناخ الكئيب، وقف الإمام زيد بن علي (عليه السلام) كبركان غضب، يجاهد، يثور، ويفتح صفحةً جديدة من صفحات الصمود. قال: “أما والله، لقد كنت أستحي أن أقدِم على جدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم آمُر في أمته بمعروف، ولم أنهَ عن منكر!”، فنهضته كانت امتدادًا لنهضة كربلاء. لم ينسَ الحسين، بل حمل دمه في عروقه، وصرخته في حنجرته، وراح يوقظ الأمة من جديد. وحين تخاذل الناس، قال كلمته التي هزّت جباه الجبناء: “لو لم يخرج معي إلا ابني يحيى، لقاتلتهم!”
قاتل، واستُشهِد، وصُلب، وأُحرِق، وظن الطغاة أنهم أطفؤوه. لكنهم أُخزوا، وسقطت دولتهم بعد عشر سنوات فقط، لتبقى راية الإمام زيد خفّاقة، ومدرسته مشتعلة، ونوره ممتدًّا في كل الأحرار.
واليوم، يتكرر المشهد. يعود الأمويون بثوب أمريكي إسرائيلي، يعود الاستكبار على هيئة طائرات تحرق غزة، وتجويع يقتل أطفالها، وصفقات تبيع القدس، وتطبيع يطعن ظهر فلسطين. والأنكى أن الأمة تتفرّج، تتفرج على الجوع يفتك بأطفال غزة، وعلى النكبة تلتهم ما تبقى من الكرامة. أيها العرب! أيها المسلمون! أين نخوتكم؟ أين دينكم؟ أين قرآنكم؟ أما آن للأمة أن تثور كما ثار الإمام زيد بن علي (عليه السلام)؟ أما آن لها أن تحيي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
وسط هذا الظلام، يسطع نور اليمن المجاهد. شعبٌ لا يزال يرفع راية الإمام زيد والحسين، ويتحرّك ببصيرة القرآن، ويتحدى الطغيان الأمريكي الإسرائيلي، رغم القصف والحصار والحرب الاقتصادية والدعائية. شعبٌ يرسل صواريخه نصرة لغزة، ويغلق البحر في وجه السفن الصهيونية، ويقاتل وهو جائع، ولكنه عزيز، ثابت، موصولٌ بالله، يثق بوعده، ويؤمن بنصره.
هذه هي مدرسة الإمام زيد بن علي (عليه السلام)، ليست مدرسة موت، بل مدرسة حياة بكرامة. ليست ثورة غضب، بل مشروع وعي وجهاد وعزة. ليست ذكرى نبكيها، بل طريق نسلكه، وراية نحملها، ومسؤولية نتحرك بها، حتى يسقط الطغاة، ويعلو صوت المستضعفين.
الإمام زيد بن علي (عليه السلام) لا يزال حيًّا في كل من يرفض الذل، ويهتف في وجه الطغاة: “هيهات منا الذلة!”

مقالات ذات صلة