مشروع “إسرائيل الكُبرى” من النصوص التوراتية إلى الواقع السياسي

تقرير | هاني أحمد علي: في ظل التصريحات الصهيونية المتطرفة والتحرّكات العسكرية المتواصلة، تتكشف فصول ما يسمى بـ”مشروع إسرائيل الكبرى”، وهو مخطط توسعي لا يقتصر على الحدود القائمة، بل يطمح لابتلاع مساحات شاسعة من الأراضي العربية من النيل إلى الفرات.

هذا المشروع، الذي يتغذى على نصوص دينية محرفة وسياسات استعمارية، يشكِّلُ تهديداً وجودياً للمنطقة وشعوبها، في ظل صمت دولي وتخاذل عربي.

ويعتمد مشروعُ “إسرائيل الكبرى” على ما يسميه قادة الاحتلال “الخرائط التوراتية المحرفة”، التي تروِّجُ لفكرة “الوعد الإلهي” بامتلاك الأراضي من نهر النيل غرباً حتى نهر الفرات شرقاً، لتشملَ أجزاءً من مصر، السعودية، العراق، وكل أراضي الأردن، سوريا، لبنان، وتُستخدم هذه الأيديولوجية لتبرير الاحتلال والاستيطان وجرائم الحرب، وتلقن في المدارس الدينية الصهيونية للأجيال القادمة أن “وجود العرب فيها مؤقت”.

هذا المشروع الصهيوني المتطرف ليس مجرد خيال، بل هو سياسة ممنهجة ظهرت في تصريحات قادة الاحتلال المجرمين عبر عقود، فمن دافيد بن غوريون الذي تحدث عن “نقل العرب”، إلى إسحاق رابين الذي أمر بـ”تكسير عظامهم”، وصولاً إلى رئيس الوزراء الحالي السفاح نتنياهو الذي أعلن مؤخراً في مقابلة تلفزيونية أنه في “مهمة تاريخية وروحية” لتحقيق “إسرائيل الكبرى”، كما أن وزراء اليمين المتطرف، مثل سموتريتش وبن غفير، يدعون علناً لضم الضفة الغربية ومحو البلدات الفلسطينية وطرد سكانها.

وقد أسفرت المساعي الصهيونية لتحقيق هذا المشروع عن “خارطة دموية كارثية”، حيث يعيش ملايين الفلسطينيين الآن تحت الاحتلال أو في مخيمات اللجوء، بعد أن دمرت آلاف القرى أو تم إخلاؤها، وضَمَّت أراضيَ واسعة بالقوة، وبالتالي فإن أيَّ توسُّع جديد يعني “موجات تهجير جديدة وتصفية متواصلة للهوية الفلسطينية والعربية”.

 

صمتٌ دولي وتخاذُلٌ عربي:

وتكشف التصريحات الصهيونية المتطرفة، الدورَ المزدوجَ للدول الداعمة للكيان الصهيوني في الغرب، التي تتجاهل حقيقة هذا المشروع، وتتنوّع مواقفها بين “الصامتة والإدانة الخجولة”، بينما يستمر الدعم المالي والعسكري الذي يغذي هذا التوسع، وسط صمت مخجل ومعيب من قبل الدول العربية، التي لم تدشن حراكاً فعلياً مضاداً في مواجهة هذه التهديدات.

هذه الوحشية الإجرامية الصهيونية لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاجُ “عقيدة يهودية وحشية” يتحركون على ضوئها، حيث والإجرام الذي يمارس بحق أبناء غزة هو جزء من هذه العقيدة، ويستند إلى فهم متطرف لا يقيم وزناً للحياة الإنسانية، ويُنظر فيه إلى الآخرين باعتبارهم أدواتٍ لتحقيق أهدافهم.

أخيراً.. يُعد مشروع ما يسمى “إسرائيل الكبرى” مخططاً استعمارياً واضحاً، يستند إلى عقيدة متطرفة وتصريحات سياسية معلنة، ورغم الأثر الكارثي الذي تسبب به حتى الآن، فإنَّ المساعي لتحقيقه لا تزال مستمرة، ويبقى السؤال الأبرز هو: هل يكفي هذا التحرك الصهيوني المعلن للعرب وبلدانهم المستهدفة لتدشين حراك فعلي مضاد؟!

مقالات ذات صلة