
العمور: الإرادة السياسية لصناع القرار العرب مرهونة بإرضاء واشنطن وتل أبيب
وجه الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، ثابت العمور، انتقادات لاذعة للصمت العربي والدولي، مؤكداً على تآكل الرواية الصهيونية أمام العالم، مبيناً أن هذه الجرائم لن تُكسر إرادة الشعب الفلسطيني، بل ستُعزز من صموده.
وأوضح العمور في تصريح مع قناة المسيرة، اليوم الثلاثاء، أن العدوان الصهيوني ماضٍ في تنفيذ خطته الإجرامية، غير مكترث بالرأي العام أو القوانين الدولية، مشيراً إلى استشهاد 9 أطفال، قصفهم طيران الاستطلاع الصهيوني أثناء تعبئتهم للمياه، كما استُشهد عشرة آخرون كانوا ينتظرون المساعدات، مضيفاً أن استهداف المدنيين، وخاصة الأطفال، هو منهج مقصود ومُتواصل من قبل كيان العدو المجرم.
وشدد على أن المجاعة في غزة ليست وليدة العدوان الحالي، بل هي سلاح حرب يُستخدم منذ أكثر من عام ونصف، بهدف إجبار الشعب الفلسطيني على النزوح وترك دياره، مفنداً المزاعم الصهيونية حول إدخال المساعدات، واصفاً إياها بـ”مسرحية” تهدف للتضليل الإعلامي.
وكشف الكاتب والمحلل الفلسطيني عن آلية مُعقدة للاستفادة من معاناة القطاع، مؤكداً أن غالبية الشاحنات التي تدخل ليست مساعدات، بل بضائع صهيونية يشتريها التجار الفلسطينيون بأسعار باهظة، مما يُضخ ملايين الدولارات في الاقتصاد الإسرائيلي، في حين تُمنع المساعدات الحقيقية التابعة للمؤسسات الدولية، مشيراً إلى أن العدوان لم يحقق أهدافه العسكرية المعلنة، وأن جيش الاحتلال أصبح يُقاتل دون هدف حقيقي، بل يركز فقط على التدمير.
ولفت إلى وجود خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية مع المستوى السياسي، ففي حين يُصرّ المجرم نتنياهو على استمرار العدوان لأسباب شخصية وسياسية، تُدرك الأوساط العسكرية والأمنية أن نتائجها ستكون صفراً.
وأفاد العمور أن جيش الاحتلال لم يعد يُقاتل لهدف تدمير المقاومة أو ترويضها، بل أصبحت مهامه الأساسية تنحصر في “تدمير البيوت، تدمير الطرقات، تدمير البنية التحتية”، وهو ما يُثبت أن الحرب هي عملية تدمير منظمة وليست عملية عسكرية ذات أهداف واضحة، مؤكداً أن هذا العدوان لم يُضعف المقاومة، بل على العكس، أصبح يُحفّزها ويُثيرها، مما يجعل أي انتصار عسكري إسرائيلي حقيقي أمراً مستحيلاً.
وأعتبر أن التداعيات الأهم للعدوان هي على الصعيد الإعلامي والسياسي، حيث بدأت الرواية الصهيونية في الانهيار، وأصبحت الصورة التي تُقدّمها “إسرائيل” للعالم كـ”دولة مسالمة” متآكلة بشكل كامل، فالجرائم التي تُرتكب يومياً أظهرت للعالم أن هذا الكيان “قاتل” و”عنصري”، ولا يفهم إلا لغة القتل والإبادة.
وقال السياسي الفلسطيني، إن العالم بدأ يرفض هذه الجرائم، وهناك حالة رفض رسمي وشعبي متنامية، خصوصاً في الدول الأوروبية التي بدأت ترفض ما تفعله “إسرائيل” في غزة، موضحاً أنه حتى الكتاب والمحللين الصهاينة أنفسهم يُصرخون بأعلى صوتهم في وسائل الإعلام، مُطالبين بوقف العدوان، لأن نتيجتها “صفر” وستُفضي إلى تداعيات خطيرة على الكيان.
ونوه إلى أن الإرادة السياسية لصناع القرار العرب مرهونة بإرضاء واشنطن وتل أبيب، مما يُفسر الفارق الهائل بين مشاعر الشعوب العربية الغاضبة وتصرفات حكوماتها، مبيناً أن العلاقات الصهيونية مع بعض الدول العربية أصبحت أقوى من علاقاتها ببعضها البعض.
ووصف العمور ما تقوم به الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية بـ”المسرحية”، حيث لا يمنع ذلك من استمرار التجويع، ومنع الوقود والأدوية، في ظل استمرار الجريمة الصهيونية، مضيفاً أن هذه الأحداث تُثبت أن “إسرائيل” ليست دولة يمكن التعايش معها، وأن مسرحيات السلام والتطبيع ليست سوى “أكذوبة”.
وأشاد بصمود الشعب الفلسطيني في غزة، الذي يواجه الإبادة والتجويع دون دعم حقيقي، لافتاً إلى أن استمرار العدوان وتكثيف الخسائر البشرية لن يُفضي إلى كسر إرادة الشعب، بل على العكس، مشيراً إلى أن ما يحدث هو “كارثة حقيقية” تعكس عقيدة القتل والإبادة التي يتبناها قادة الاحتلال، وأن هذا الصمود الشعبي سيُغيّر مستقبل المنطقة بأسرها.