خطاب السيد القائد عبد الملك الحوثي.. الرسائل والتحذيرات

عبدالله عبدالعزيز الحمران

ألقىَ السيدُ القائدُ عبدالملك بدرالدين الحوثي خطابًا مهمًّا اليوم الخميس، تناولَ فيه مستجداتِ العدوانِ الإسرائيليِ على غزة، والتطوراتِ الإقليميةِ والدوليةِ، وما تكشفه هذه المرحلةُ من حقائق.

وجاء الخطابُ شاملاً في محاوره، عميقًا في قراءتهِ للواقع، وموضحًا لمسؤولياتِ الأمةِ، فقد تضمن توصيفاً للعدوان الصهيوني الذي يمارسأبشعَ صورِ الإبادةِ في غزة، مستخدمًا أسلحةً أمريكيةً وبريطانيةً وألمانيةً، وبوقودٍ عربيٍّ، مستفيدًا من حالةِ التخاذلِ الإسلاميّ، معتبراً أنَّ ما يتعرضُ له الشعبُ الفلسطينيُّ ليس شأناً محليًا، بل مؤشّرًا على استهدافٍ شاملٍ للأمةِ الإسلاميةِ ومقدساتِها، وفي مقدمتها المسجدُ الأقصى الذي يتعرضُ لاقتحاماتٍ يوميةٍ وطقوسٍ تلموديةٍ علنيةٍ بمشاركةِ نتنياهو وروبيو.

واستحضرَ القائدُ مجزرةَ صبرا وشاتيلا (1982م) باعتبارها شاهدًا على خطورةِ نزعِ سلاحِ المقاومةِ، مؤكّدًا أنَّ الشعوبَ بلا قوةٍ تحميها تصبحُ مستباحةً، موضحاً أنَّ المشكلةَ ليست في سلاحِ المقاومةِ، بل في سلاحِ العدوِّ الصهيونيِّ المدعومِ غربياً، داعيًا لترسيخِ وعيِ الأمةِ بخطورةِ تسليحِ الصهاينةِ وضرورةِ دعمِ سلاحِ المقاومةِ.

وانتقدَ السيد القائدُ مخرجاتِ قمةِ الدوحةِ التي لم تتجاوز حدودَ البياناتِ الفارغةِ، معتبراً أنها سببًا في إطماعِ العدوِّ الإسرائيليِّ وتشجيعه على الاستباحةِ حتى لدولة قطر نفسها، مبيناً أنَّ ما كان متوقعًا في الحدِّ الأدنى هو قطعُ العلاقاتِ مع العدوِّ، وإغلاقُ الأجواءِ أمام طيرانهِ، ورفعُ اسمِ الفصائلِ الفلسطينيةِ من قوائمَ الإرهابِ، لكن ذلك لم يحدث، ما كشف ضعفَ الإرادةِ السياسيةِ للأنظمةِ.

وأوضحَ السيد القائدُ أنَّ الولاياتِ المتحدةِ شريكٌ رئيسيٌّ للعدوِّ، فهي لا تكتفي بالدعمِ السياسيِّ والماليِّ والعسكريِّ بل تشاركه في المخطّطِ الصهيونيِّ، في حين يكتفي العربُ بالتفرّجِ، لافتاً إلى أنَّ المواقفَ الأوروبيةَ الغربيةَ المنحازةَ لأوكرانيا بالمالِ والسلاحِ تفضحُ حجمَ التقاعسِ العربيِّ تجاهَ فلسطين، كما أشارَ إلى المواقفِ المتقدّمةِ لدولٍ كإسبانيا وفنزويلا وجنوبِ أفريقيا مقارنةً بالمواقفِ العربيةِ المتراجعةِ.

وفي سياقِ الموقفِ العمليِّ، أعلنَ السيد القائدُ تنفيذَ 24 عمليةً هجوميةً خلال الأسبوع باستخدامِ الصواريخِ والطائراتِ المسيّرةِ بعضها باتجاهِ عمقِ فلسطينِ المحتلّةِ، مع استمرارِ حظرِ ملاحة العدو الإسرائيلي في البحرِ الأحمرِ وبابِ المندب، محذراً السعوديةَ وبريطانيا من محاولاتِ حمايةِ الملاحةِ الإسرائيليةِ، مؤكّدًا أنها محاولاتٌ فاشلةٌ وخيانةٌ للأمةِ.

وفي البعد الشعبي والإعلامي، شدّدَ السيد القائدُ على أهميةِ الأنشطةِ الشعبيةِ والجامعيةِ والندواتِ في تعزيزِ الوعيِ بالقضيةِ الفلسطينيةِ، مشيداً بدورِ الإعلامِ المقاومِ في مواجهةِ التضليلِ، واعتبره ميدانًا أساسيًا من ميادينِ الجهادِ، كما دعا الشعبَ اليمنيَّ إلى الخروجِ المليونيِّ في المسيراتِ الأسبوعيةِ، مؤكّدًا أنَّ هذا الصوتَ الشعبيَّ هو موقفٌ قرآنيٌّ ومصيريٌّ في زمنِ خذلانِ الأمةِ.

وفي البعد القرآني والإيماني أعادَ السيد القائدُ ربطَ الموقفِ بالقرآنِ الكريمِ باعتباره المرجعيةَ الأولى في معرفةِ العدوِّ وتحديدِ الحلولِ العمليةِ، مؤكداً أنَّ موقفَ اليمنَ إيمانيٌّ وقرآنيٌّ قبل أن يكون سياسيًا أو عسكريًا، وأنَّ التضحياتِ التي يُقدّمها الشعبُ هي تضحياتٌ مشرّفةٌ في سبيلِ اللهِ، وليست خسارةً.

ويعد خطابُ السيدِ القائدِ عبدالملك بدرالدين الحوثي – يحفظه الله- بمثابة تشخيصٍ استراتيجيٍّ للواقعِ العربيِّ والإسلاميِّ، إذ جمع بين رصدِ جرائمِ العدوِّ وتحالفاتهِ، وفضحِ تواطؤِ الأنظمةِ الرسميةِ، وتثبيتِ موقفِ المقاومةِ باعتباره الخيارَ الوحيدَ لحمايةِ الشعوبِ، كما حملَ رسائلَ عمليةً للأمةِ بضرورةِ قطعِ العلاقاتِ مع العدوِّ ودعمِ الشعبِ الفلسطينيِّ، ورسائلَ تحذيرٍ للأنظمةِ التي تسانده، ورسائلَ طمأنةٍ للشعبِ اليمنيِّ والأمةِ بأنّ الموقفَ ثابتٌ وراسخٌ في معركةِ الجهادِ والفتحِ الموعودِ.

مقالات ذات صلة