
ما وراء قيام الكهنة الصهاينة بنفخ بوق “الشوفار” في المسجد الأقصى؟
محمد الكامل| بدأ العدو الصهيوني بخطوات جديدة وخطيرة تهدد المسجد الأقصى، حيث دخل كاهن صهيوني إلى ساحات المسجد مستخدماً ما يسمى ببوق “الشوفار”، في دلالة على إجراءات صهيونية لمخطط هدم المسجد الأقصى.
وقد ينظر إلى هذه الحادثة على أنها هامشية أو أنها تأتي كجزء من الطقوس الدينية لليهود، لكن الحقيقة أنها جزء من استراتيجية صهيونية ومخطط توسعي شامل يهدف إلى تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى، والتي وصفها الكثير من المحللين والمختصين بالخطوة الأخطر نظراً للتطورات التي تحدث على مستقبل الأمة العربية والإسلامية.
وقبل أسابيع قليلة، وتحديدًا في نهاية شهر أغسطس، اقتحم عدد كبير من المستوطنين الصهاينة باحات المسجد الأقصى بحماية كاملة من شرطة الاحتلال، وكان من بين المقتحمين كاهن صهيوني قام بنفخ بوق “الشوفار” داخل حرم المسجد، وتكرر هذا الفعل قبل أسبوع.
ويحمل نفخ بوق الشوفار المصنوع من قرن كبش أو ماعز معانٍ عميقة تتجاوز مجرد الاستفزاز، حيث يُستخدم في المناسبات والأعياد الدينية اليهودية، ويرمز إلى بداية زمن جديد، أو دعوة للتوبة، أو حتى إعلان للحرب والنصر، كما يعتبر نفخ الشوفار بالنسبة للجماعات اليهودية المتطرفة، داخل الأقصى إعلانًا رمزيًا بفرض السيطرة الدينية والسياسية على المسجد، ضمن خطوات مدروسة ومخطط لها، تستغل الظرف الراهن لتنفيذ أخطر مخططاتها.
ويرى الباحث في شؤون القدس زياد أبحيص، أن هذا الفعل يمثل إعلانًا عن نهاية زمن وجود المسجد الأقصى كرمز إسلامي، وبداية مرحلة جديدة من الزمن اليهودي، كما يعتقد هؤلاء المتطرفون أن الخطوة التالية هي هدم المسجد الأقصى بالكامل لإقامة ما يسمى بـ “الهيكل الثالث” مكانه، وهو حلم ديني يربطونه بخلاصهم وظهور المسيح المنتظر.
ويُنفذ العدو الإسرائيلي بالتوازي مع هذه الإجراءات، مشاريع تهويد ملموسة، فقبل 3 أيام، افتتح وزير الخارجية الأمريكي، المجرم ماركو روبيو، مشروعًا سريًا كان الكيان الصهيوني يعمل عليه لسنوات، والمسمى بـ “طريق الحُجّاج”، وهذا المشروع عبارة عن نفق طويل يبدأ من حي سلوان الفلسطيني، ويمتد أسفل أساسات المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وصولًا إلى حائط البراق.
وتعد مشاركة وزير الخارجية الأمريكي في افتتاح المشروع في يوم انعقاد القمة العربية، بمثابة إعلان سياسي واضح بأن الولايات المتحدة تعتبر المكان “أرضًا صهيونية”، وأن الأقصى لم يعد مجرد مسجد إسلامي، بل هو “أرض مقدسة يهودية”، لا سيما وأن هذا الإجراء يأتي بعد أن نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس عام 2018، مما يؤكد دعمها للخطوات الصهيونية.
وتتزامن هذه الإجراءات مع تصريحات علنية من المسؤولين الصهاينة تُعزز النوايا، فخلال افتتاح ما يسمى بـ “طريق الحُجّاج”، قال رئيس وزراء العدو الإسرائيلي المجرم نتنياهو بالحرف الواحد: “القدس مدينتنا وليست مدينتكم، وستبقى مدينتنا دائمًا ولن تقسم مرة أخرى”، حيث يستغل الكيان الصهيوني الصمت المذهل والضعف الذي تعيشه الأمة الإسلامية والعربية للمضي قدمًا في مخططاتها التي كانت قد أجلتها لسنوات خشية ردود فعل المسلمين والعرب.
ويعطي عدم وجود رد فعل قوي على هذه الإجراءات، من نفخ الشوفار إلى افتتاح الأنفاق تحت المسجد الأقصى، الكيان الصهيوني الضوء الأخضر لاستكمال خططه التوسعية، فهذه الأحداث، هي كما يراها البعض تفاصيل صغيرة وتأتي في خضم الأحداث الكبرى، غير أن الحقيقة هي أنه تمهيدًا لمخطط العدو الصهيوني التوسعي في المنطقة وفق قاعدة “الاستباحة” التي يحذر منها باستمرار السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله.