
21 سبتمبر ثورةُ سيادة.. والواقع يشهد
عبدالخالق دعبوش
ثورةُ 21 سبتمبر لم تكن يومًا مُجَـرّد انتفاضةٍ ضدَّ الفسادِ أَو إسقاط وصايةٍ فحسبُ، بل هي مشروعٌ تحرّريٌّ شاملٌ متجدّدٌ مع كُـلّ مواجهةٍ ضدَّ أي عدوانٍ، وصرخةٌ في وجهِ التطبيعِ، تقفُ في موقفِ الحقِّ إلى جانبِ فلسطينَ وشعوبِ الأُمَّــة الحرةِ.
لم تكن ثورةُ 21 سبتمبر حدثًا عابرًا في مسارِ التاريخِ اليمنيِّ الحديثِ، بل كانت نقطةَ التحوّلِ المفصليَّةِ التي أعادت لليمنِ هُويّتَه، وحرّرت قرارَهُ منَ الوصايةِ الخارجيّةِ، وأسّست لمرحلةٍ جديدةٍ عنوانُها السيادةُ والكرامةُ والاستقلال.
لقد مثّلت هذهِ الثورةُ اللقاحَ الحقيقيَّ ضدَّ الفيروسِ الصهيونيِّ الذيِ اجتاحَ المنطقةَ عبرَ ما سُمّي بـ “الثوراتِ العبريةِ”، تلكَ التي حوّلتِ الشعوبَ إلى وقودٍ لمشاريعِ التطبيعِ والتبعيّةِ.
بينما في اليمنِ، جاءت ثورةُ 21 سبتمبر لتحصّنَ المناعةَ الوطنيّةَ والعربيّةَ وتوجّـه البوصلةَ نحوَ القضيةِ المركزيّةِ: فلسطينُ.
قبلَ 21 سبتمبر، كانتِ اليمنُ تُدارُ كحديقةٍ خلفيّةٍ للنظامِ السعوديّ، لا يتجاوزُ قرارُها حدودَ حديقةِ السبعينَ.
كانتِ السفاراتُ الأجنبيّةُ تُملي، والوصايةُ الخارجيّةُ تتحكّمُ، والهوّيّةُ الوطنيّةُ مهدّدةٌ بالذوبانِ.
لكن بفضلِ هذهِ الثورةِ، تحطّمَ جدارُ الوصايةِ، وأُغلقت أبواب الاستعباد السياسيِّ، ليصبحَ القرارُ اليمنيُّ حرًّا مستقلًّا، منطلقًا من مصالحِ الشعبِ لا من أجنداتِ الآخرين.
اليومَ، لم تعدِ السيادةُ اليمنيّةُ تُقاسُ بخطوطٍ مرسومةٍ على الخريطةِ، بل صارت تُقاسُ بمدى مشروعِها ومنطلقاتهَا وقدرتِها على حمايةِ الأرض والقرارِ.
من صواريخٍ باليستيّةٍ تصلُ آلافَ الكيلومتراتِ، إلى مسيّراتٍ تخترقُ أجواء دولِ الاستكبار وعلى رأسِها أمريكا وربيبتُها الكيانُ الصهيونيُّ، وتحفظُ الممرّاتِ الدوليّةَ في البحارِ من العسكرةِ الأمريكيّةِ والهيمنةِ الغربيّةِ التي أصبحت بفضلِ اللهِ تحتَ حمايةِ قوّاتِنا المسلّحةِ اليمنيّةِ.
ثورةُ 21 سبتمبر أثبتت أنَّ اليمنَ لم يعد محاصرًا في جغرافيّتِه، بل أصبح لاعبًا إقليميًّا يُحسَبُ لهُ ألف حسابٍ.
إنّها سيادةٌ وطنيّةٌ تُقاسُ بسرعةِ 16 ماخ منَ الفرطِ السياديِّ، لا بشبرٍ هنا أَو حدودٍ هناكَ.
ثورةُ 21 سبتمبر لم تكن يومًا مُجَـرّد انتفاضةٍ ضدَّ الفسادِ أَو إسقاط وصايةٍ فحسبُ، بل هي مشروعٌ تحرّريٌّ شاملٌ متجدّدٌ مع كُـلّ مواجهةٍ ضدَّ أي عدوانٍ، وصرخةٌ في وجهِ التطبيعِ، تقفُ في موقفِ الحقِّ إلى جانبِ فلسطينَ وشعوبِ الأُمَّــة الحرةِ.
لقد أعادت ثورةُ 21 سبتمبر تعريفَ السيادةِ من جديدٍ:
سيادةٌ لا تُشترى ولا تُستجدى، سيادةٌ تصنعُها تضحياتُ الرجالِ وصمودُ الشعبِ، سيادةٌ تكتبُ حاضرَ اليمنِ وتَصوغُ مستقبلهُ وتعيدُ هويّتَهُ الإيمانيّةَ.
ومن يراهنُ على سقوطِها فإنّما يراهنُ على سقوطِه الحتميِّ.