
الرئيس المشاط: ماضون بثورتنا لاستعادة كل حقوق شعبنا وإسناد فلسطين ومعاقبة العدو وتعزيز وحدة أمتنا
بارك الرئيس المشير الركن مهدي محمد المشاط، للمرابطين في جبهات الشرف والدفاع عن كرامة شعبنا، ولكل المخلصين في مختلف الميادين، وكل اليمنيين الأحرار، حلول الذكرى الحادية عشرة لثورة الـ21 من سبتمبر، التي تأتي هذا العام محمّلة برياح التحديات والمتغيرات المتسارعة، في مرحلة تنزف فيها جراح أمتنا.
وفي خطاب له مساء السبت بمناسبة الذكرى “السبتمبرية” الفتية، لفت الرئيس المشاط إلى أن تزامنها يأتي مع ما يعانيه الشعب الفلسطيني في مواجهة أعتى موجات الإجرام والبطش الصهيوني، حيث تُستباح المنطقة العربية بأسرها، ويُمعن العدو الصهيوني في عربدته؛ فيضرب هنا ويغتال هناك.
وقال: “إن آخر فصول إجرام العدو الإسرائيلي كان العدوان الغادر، ومحاولة الاغتيال الآثمة التي استهدفت الوفد المفاوض لحركة حماس في قلب العاصمة القطرية الدوحة.. والجريمة الوحشية بحق المدنيين والمساكن في حي التحرير بالعاصمة صنعاء ومحافظة الجوف، والعدوان على ميناء الحديدة”.
وأضاف أن “هذه الأحداث المتتابعة، بما تحمله من أبعاد، تقدم الدليل القاطع على صوابية وفاعلية ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة”، مؤكداً أن الثورة “أعادت لليمن كرامته وانتزعته من براثن الوصاية”.
ونوّه إلى أن “ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة كانت ضرورة وطنية، وحاجة شعبية ملحّة في لحظة كانت مقدرات الوطن تتآكل، والقيم يُستبدل بها غيرها، وفي لحظة كانت الهوية على طريق التجريف بفعل عبث الخارج وأدواته الداخلية الملوثة بالتبعية والفساد”.
وأشار إلى أن “قوى النظام السابق أسقطت كل الشرعيات، وأهدرت كل موارد البلاد، وأباحت سيادة الوطن”.
وتابع في خطابه: “ثورة 21 سبتمبر فضحت حقيقة قوى النظام السابق، التي استمرأت التفريط والخيانة، وباعت القرار الوطني، وفرغت مؤسسات الدولة من مضمونها السيادي لصالح الوصاية الأجنبية. ومن يستذكر تلك المرحلة المظلمة التي سبقت اندلاع الثورة الشعبية، سيدرك أننا كنا نعيش ذروة الانحدار الوطني”.
وبيّن أنه قبل الثورة “انتقل مركز القرار من دار الرئاسة إلى مبنى السفارة الأمريكية، وأصبح السفير هو الآمر الناهي”.
وأكد أن “القضية الفلسطينية كانت حاضرة بأولويتها في ثورة 21 سبتمبر منذ الوهلة الأولى لانطلاقها، باعتبارها القضية المركزية والمظلومية الأكبر”.
وأوضح أن “الثورة حافظت على موقفها المبدئي والديني بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وعمّدته بالدماء والمواقف الخالدة”، لافتاً إلى أن الثورة “منعت الملاحة الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي، وصولاً إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط”.
واستطرد: “ثورة 21 سبتمبر سخّرت كل إمكاناتها لمناصرة الشعب الفلسطيني، وفي إطار هذا الموقف ارتقى رئيس الوزراء، وعدد من رفاقه الوزراء، وعدد كبير من أبطال القوات المسلحة والمواطنين”، مبيناً أنه “لولا ثورة الـ21 من سبتمبر، لكان التطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي قد أُعلن من اليمن استجابة للتوجيهات الأمريكية”.
وتطرق إلى أننا “اليوم نطوي عقداً من العدوان الأمريكي السعودي الغاشم، الذي لم يتوقف حتى الآن، بكل ما حشد له من ترسانة عسكرية وتحالفات دولية وإمكانات مالية وسياسية”، مؤكداً أن اليمن يقف أكثر صلابة بعد سنوات من القتل والتدمير الممنهج والحصار الخانق والتجويع المتعمّد.
وقال: “ونحن نحتفل بذكرى الثورة، نتذكر إخوتنا في غزة، الذين يعيشون قرابة العامين تحت إجرام الكيان الصهيوني دون رادع من حكومات وجيوش أمتنا العربية والإسلامية”، مضيفاً: “نقول لشعبنا بكل فخر واعتزاز، إن واحدة من أهم ثمرات ثورتنا المباركة هو وقوف اليمن، قيادة وشعباً، وعلى كل المستويات، رسمياً وشعبياً، إلى جانب إخوتنا في فلسطين وغزة”.
وفي الخطاب، جدد الرئيس المشاط التأكيد على ثبات موقفنا إلى جانب فلسطين وقضيتها العادلة، معلناً من جديد “تضامن اليمن، حكومة وشعباً، مع الدول العربية وشعوبها التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي المستمر والمتمادي”.
وبيّن أن “العدوان الإسرائيلي على الدول العربية يؤكد وحشية العدو، وسيره في تطبيق وترسيخ معادلة الاستباحة بدعم أمريكي وغربي فاضح”، مشيراً إلى الآمال التي كانت معلّقة على قمة الدوحة، لأن تكون مقرراتها عملية بدلاً من الكلام وعبارات الشجب.
وفي هذا الصدد، خاطب الرئيس المشاط زعماء الدول العربية قائلاً: “الرسالة في العدوان الصهيوني على قطر كانت واضحة للجميع، وهي أن الدور ينتظرهم”، مضيفاً: “إذا لم يستفق الجميع، فنحن أمام عدو لا يحتكم لشيء إلا إلى لغة القوة، مهما دُسّت الرؤوس في التراب”.
وواصل خطابه لهم: “القواعد الأمريكية في المنطقة هي لحماية العدو الإسرائيلي، وليست لكم كما يتوهم البعض، بل عليكم”، مجدداً التأكيد على “موقف اليمن الداعم للوحدة العربية والإسلامية في مواجهة الخطر الإسرائيلي”.
وأردف بالقول: “نُعبّر عن إرادة الشعب اليمني كل يوم، بضربات قواتنا المسلحة إلى عمق الكيان الغاصب”، منوهاً بأن “القوات المسلحة ستنفذ أقسى الضربات على الكيان الصهيوني المجرم”.
وجدد العهد لشعبنا “بأننا نعمل على استرداد كافة حقوق الشعب، والحفاظ على سيادته ومقدراته وثرواته”، داعياً “المواطنين في المناطق المحتلة إلى رفض التواجد العسكري لقوى الاحتلال”.
كما جدد دعوته لدول العدوان إلى تنفيذ التزاماتها تجاه السلام، وجبر الضرر الذي لحق باليمن جراء العدوان والحصار.
وفي ختام الخطاب، تقدم الرئيس المشاط “بأحر التعازي وأصدق المواساة لكل شهداء اليمن عامة، ونخص بالذكر شهداء الهجمات العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على الأحياء المدنية في مديرية التحرير ومحافظتي الجوف والحديدة”، مؤكداً “لشعبنا أن هذه الدماء الطاهرة لن تذهب هدرًا، فهي في سبيل الله ونصرة لإخواننا في فلسطين”، منوهاً بأن “الحكومة مستمرة في أداء مهامها وخدمة الشعب، وأننا على ذات الطريق سنمضي في مسار التغيير الجذري حتى تحقيق بناء الدولة اليمنية الحديثة والعادلة، على درب الشهداء الأبرار، إن شاء الله”.
وفيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين؛ وارضَ اللهم عن صحابته الأخيار المنتجبين، وبعد:
باسمي ونيابة عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى أبارك لشعبنا اليمني العزيز الذكرى الحادية عشرة لقيام ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، وبالمناسبة نفسها أهنئ قائد الثورة المباركة، السيّد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، كما أجدها فرصة لأتقدم بخالص التهاني والتبريكات إلى أبطالنا المرابطين في جبهات الشرف والدفاع عن كرامة الشعب العزيز وحمى الوطن الغالي في سهوله وبحاره، وهي أيضا موصولةٌ لكل المخلصين في مختلف ميادين الجهاد الواسعة، ولكل الشرفاء والأحرار في عموم الداخل والخارج.
أيها الشعب اليمني العظيم:
تحل علينا -هذا العام- الذكرى الحادية عشرة لثورة 21 من سبتمبر المجيدة، محمّلةً برياح التحديات والمتغيرات المتسارعة، في مرحلة تنزف فيها جراح أمتنا، ويواجه فيها الشعب الفلسطيني أعتى موجات الإجرام والبطش الصهيوني، في مجازر وحشية لم يسجل لها التاريخ مثيلاً، تُرتكب بدمٍ بارد تحت مظلة الدعم الأمريكي السافر. والمنطقة العربية بأسرها تُستباح، والعدو الإسرائيلي يمعن في عربدته، يضرب هنا ويغتال هناك، متجاوزاً كل الأعراف، والقوانين الدولية، وكان آخر فصول إجرامه العدوان الغادر ومحاولة الاغتيال الآثمة التي استهدفت الوفد المفاوض لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قلب العاصمة القطرية الدوحة، والجريمة الوحشية بحق المدنيين الساكنين في حي التحرير بالعاصمة صنعاء ومحافظة الجوف والعدوان على ميناء الحديدة.
إن هذه الأحداث المتتابعة، بما تحمله من أبعاد تقدم الدليل القاطع على صوابية وفاعلية ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، هذه الثورة التي أعادت لليمن كرامته وانتزعته من براثن الوصاية، لتضعه على طريق الاستقلال والحرية، ليكتب فصلاً جديداً من تاريخه بقرار مستقل، وإرادة لا تنكسر وعزيمة لا تلين.
وإننا إذ نستحضر ذكرى ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، فإننا لا نستعيد مجرد حدث من الماضي، بل نستحضر واقعاً حياً نابضاً لا يزال يصنع حاضرنا ويشكل مستقبلنا، إنها ذكرى تشعل في القلوب وهج الكرامة والعزة، وتذكير بلحظة التحول التاريخية التي استعاد فيها الشعب اليمني إرادته الحرة، ورفع صوته عالياً مدوياً في وجه الفساد والوصاية والتبعية، ليرسم بذلك صفحة جديدة من صفحات العزة والكرامة في مسيرته النضالية.
أيها الشعب اليمني العزيز:
إن من يتأمل الواقع اليمني منذ قيام الجمهورية اليمنية، لا يسعه إلا أن يدرك عمق الاختلالات التي تراكمت، وأن اليمن لم يكن يوماً على ما يرام، ومن هذا الإدراك تنبثق أهمية ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، والتي كانت ضرورة وطنية وحاجة شعبية ملحة، في لحظة كانت مقدرات الوطن تتآكل، والقيم يستبدل بها غيرها، والهوية على طريق التجريف، بفعل عبث الخارج وأدواته الداخلية الملوثة بالتبعية والفساد.
فجاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة تتويجاً لمسيرة نضال شعبنا بعد عقود من الخيانة والإحباط، بعد أن أسقطت قوى النظام السابق كل الشرعيات، وأهدرت كل موارد البلاد، وأباحت سيادة الوطن، حيث فضحت الثورة حقيقة هذه القوى التي استمرأت التفريط والخيانة، وباعت القرار الوطني وفرغت مؤسسات الدولة من مضمونها السيادي لصالح الوصاية الأجنبية التي أصبحت في سنواتها الأخيرة حقيقة مكشوفة للعيان.
وإن من يستذكر تلك المرحلة المظلمة التي سبقت اندلاع الثورة الشعبية، سيدرك أننا كنا نعيش ذروة الانحدار الوطني، حين تواطأت بعض القوى المحلية الحاكمة حينها مع أجندات الخارج على حساب الشعب ومصالحه وسيادة البلد واستقلاله، حتى أوصلوا البلد إلى وصاية معلنة حولت سيادته إلى ورقة بيد الخارج وأطماعه.
لقد انتقل مركز القرار من دار الرئاسة إلى مبنى السفارة الأمريكية، وأصبح السفير هو الآمر الناهي، يقرّر ما يشاء، ويوجه بما يريد، ويخطط وينفذ، في مشهد فجّ وسافر، فلم يكن ذلك مجرد نفوذٍ غير مباشر، بل كان إدارةً صريحة، واحتلالًا ناعمًا، تم تقديمه للشعب كأمرٍ واقع، وكأنه قدر لا فكاك منه، ينبغي التسليم به والتكيف معه.
وفي مواجهة هذا الانحدار، جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر كفعل تحرري شجاع، يكتب اليمن من خلاله عنوان كرامة في هامة التاريخ، ويعيد الاعتبار لإرادة شعب أراد الحياة، ويفتح صفحة جديدة من العزة والاستقلال.
أيها الشعب اليمني العزيز:
لم يكن التصعيد الثوري الذي تُوِّج بانتصار الشعب اليمني في الحادي والعشرين من سبتمبر، تعبيرًا عن مذهب دون مذهب، ولا قبيلة دون أخرى، ولا منطقة بمعزل عن سواها؛ بل كان جهداً شعبياً خالصًا، منطلقاً من معاناته، جامعًا لكافة شرائحه، معبرًا عن تطلعاته، فقد خرج اليمنيون بمختلف مكوناتهم في اصطفاف شعبي واحد، وتحرّكوا لصالح وطنهم، لا لحساب أحد، وقاموا صفًا واحدًا في مواجهة الفساد والتبعية، وكتبوا بذلك صفحة من المجد لن تُنسى.
في تلك اللحظة الفارقة، انكشفت الوجوه وسقطت الأقنعة، وبرز الخارج طرفاً في مواجهة إرادة الشعب، مستخدماً أدواته في الداخل، متوهماً أن بإمكانه وقف المد الثوري الجارف، والحراك الشعبي الزاحف، لكن وعي الشعب العظيم مثّل صخرة تكسرت عليها مؤامرات الخارج وأعاقت محاولات العودة إلى الوراء.
لقد كان ذلك التحرك الشعبي الواعي، السلمي، المسؤول، صفحةً ناصعة في تاريخ اليمن الحديث، كتبها اليمنيون بدماء عزّتهم وكرامة كفاحهم، وسيسجّلها التاريخ درسًا خالدًا للأجيال القادمة، كملحمة من ملاحم الحرية، بثورة نادرة في سلميتها، عظيمة في إنجازها، أدهشت المراقبين فوصفت “بالفعل الخارق للمألوف”.
نعم، لقد تحققت الثورة في الحادي والعشرين من سبتمبر بأقل كلفة، وبأعلى درجات الوعي والانضباط، فبسطت الأمن، وحفظت الممتلكات العامة والخاصة، ودعت جميع شركاء الوطن إلى السلم والشراكة، وقدمت بذلك نموذجاً فريداً، وحققت هدفاً وطنياً سامياً.
أيها الإخوة والأخوات:
لقد تفردت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر بمزايا قلّ أن تجتمع في ثورة شعبية؛ فهي لم تكن مستوردة من الخارج أو مأجورة، بل خرجت من رحم الشعب، من آلامه وآماله، ومن جراحاته وتطلعاته، وامتازت بانضباطها الشعبي اللافت، وسِلميتها الثابتة، ورغم أن السلاح كان حاضرًا في أيدي الجميع، إلا أن الحكمة اليمانية كانت الحارس، فلم يُسجل اعتداء واحد على المدنيين، فكان المشهد أكثر من أن يُصدق، وأقل من أن يتكرر.
وإن من أبرز ما ميّز هذه الثورة هو تسامحها مع خصومها، ورغم ما واجهته من عداء وتآمر، فقررت في عز انتصارها أن تمد يدها إلى كل أبناء الوطن، حتى إلى أولئك الذين كانوا في صف خصومها، فشاركتهم في (اتفاق السلم والشراكة)، وضمنت لهم حقوقهم، وممتلكاتهم، ومكانتهم السياسية، وأعلنت أنها ثورةٌ للجميع، لا للإقصاء، ولا للانتقام، وإنما لحماية الوطن والمشاركة في بناء مستقبله، فلا غالب ولا مغلوب، الشعب كله انتصر.
لكنهم سرعان ما تنكروا، وبدأ الخارج في حبك المؤامرات، فانتعلتهم عندما شُـنَ عدوانًا عسكريًا مباشرًا أعلن من واشنطن، وقاد هذا العدوان النظام السعودي في محاولة لإعادة اليمن مجددًا إلى الوصاية، ولكنهم خابوا وفشلوا، بفضل الله تعالى وصمود واستبسال هذا الشعب اليمني العظيم، شعب الإيمان والحكمة، فالشعب الذي ذاق طعم الحرية، لن يرضى بأن يكون عبداً إلا لله سبحانه وتعالى.
أيها الأخوة والأخوات:
لقد كانت القضية الفلسطينية حاضرة بأولويتها في ثورة 21 سبتمبر منذ الوهلة الأولى لانطلاقها؛ باعتبارها القضية المركزية والمظلومية الأكبر، التي تتفرع عنها كل المظالم في منطقتنا وعالمنا الإسلامي، وقد حافظت الثورة على موقفها المبدئي والديني بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وعمَّدته بالدماء والمواقف الخالدة، ومنعت الملاحة الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، وصولاً إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، وسخَّرت كل إمكاناتها لمناصرة الشعب الفلسطيني، وفي إطار هذا الموقف ارتقى رئيس الوزراء في حكومة التغيير والبناء وعدد من رفاقه الوزراء، وعدد كبير من أبطال القوات المسلحة والمواطنين من أبناء هذا الشعب العزيز شهداء أعزاء في إطار معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، ولولا هذه الثورة لكان التطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي أعلن من اليمن، استجابة للتوجيهات الأمريكية.
أيها الاخوة والأخوات:
إننا اليوم نطوي عقدًا من العدوان الأمريكي السعودي الغاشم الذي لم يتوقف حتى الآن، بكل ما حشد له من ترسانة عسكرية، وتحالفاتٍ دولية، وإمكاناتٍ ماليةٍ وسياسيةٍ، وبعد سنواتٍ من القتل والتدمير الممنهج، والحصار الخانق، والتجويع المُتعمَّد؛ نقف اليوم أكثر صلابة، وأشد بأسًا، وأمضى إرادةً، لذود عن بلدنا، وردع أي عدوان يفرض عليه، ونسعى بدأب لتحقيق الإنجازات في زمن التحديات وننتزع النجاحات من بين فكي العدوان والحصار، ويحق لشعبنا العزيز أن يرى جراحه تثمر عزًّا، وآلامه تستحيل نصراً، وأن يفخر بثورته، ويعتز بقيادته، ويثق بصوابية نهجه، فثورة 21 من سبتمبر المجيد لم تكن لحظةً غضب، بل مسار وعي؛ لحماية الشعب والسيادة على كل شبر من أراضينا الحرة والمحتلة من عدن الجريحة إلى سواحلنا المنهوبة، كما أعادت ثورة 21 من سبتمبر لليمن دوره التاريخي على المستوى العربي والإسلامي فكان المبادر لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم وحاجزاً منيعاً أمام مشاريع التطبيع والهيمنة الصهيونية.
أيها الإخوة والأخوات:
ونحن نحتفل بالذكرى الحادية عشر لثورة 21 من سبتمبر المجيدة، نتذكر إخوتنا في غزة الذين يعيشون قرابة العامين تحت إجرام الكيان الصهيوني الغاصب دون رادع من حكومات وجيوش أمتنا العربية والإسلامية، وبهذا المقام نقول لشعبنا اليمني العزيز بكل فخر واعتزاز، بأن واحدة من أهم ثمرات ثورتنا المباركة هو وقوف اليمن قيادة وشعباً وعلى كل المستويات العسكرية والأمنية والسياسية والثقافية، رسمياً وشعبياً إلى جانب إخوتنا المظلومين في فلسطين وفي قطاع غزة، وإن هذا لدليل قوي على أن اليمن تعيش خارج عهد الوصاية الخارجية، وتتمتع باستقلال تام، وسيادة كاملة في قرارها، وفي إطارها نواجه أئمة الكفر أعداء أمتنا العربية والإسلامية أمريكا وإسرائيل في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.
ونؤكد اليوم على ثبات موقفنا الى جانب فلسطين وقضيتها العادلة، كما نجدد تضامن اليمن حكومة وشعبا، مع الدول العربية وشعوبها التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي المستمر والمتمادي، والذي يؤكد على وحشية العدو الإسرائيلي، وسيره في تطبيق وترسيخ معادلة الاستباحة بدعم أمريكي وغربي فاضح.
وكنا نأمل من قمة الدوحة الاستثنائية أن تكون مقرراتها عملية بدلاً من الكلام وعبارات الشجب وغيرها، فالرسالة من العدوان الصهيوني على قطر كانت واضحة للجميع، أن الدور ينتظرهم إذا لم يستفق الجميع فنحن أمام عدو لا يحتكم لشيء إلا إلى لغة القوة مهما خبأنا رؤوسنا في التراب، وأن القواعد الأمريكية في المنطقة لحمايته وليست لكم كما يتوهم البعض فهي عليكم، وليست لكم، وهنا نؤكد موقف اليمن الداعم للوحدة العربية والإسلامية في مواجهة هذا الخطر، ونعبر أيضاً عن إرادة الشعب اليمني كل يوم بضربات قواتنا المسلحة عمق هذا الكيان الغاصب، ولا يعبر عن إرادة الشعب اليمني غير ذلك، وأي صوت غير هذا فهو عبارة عن صوت وظيفي يقوله آخرون محسوبون على هذا البلد، وللأسف نيابة عن من وظفهم لهذا الغرض وليس عن الشعب اليمني المعروفة مواقفه وتضحياته.
إننا نقف بكل إكبار وإعزاز وإجلال أمام صمود شعبنا اليمني العظيم وصبره، عمالاً وموظفين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، في مواجهة العدوان والحصار الأمريكي السعودي والذي لم يتوقف حتى الآن، والذي ستكون عاقبته الخير الجزيل كما وعد الله تعالى عباده الصابرين، ونشيد في هذا الإطار بصبر وصمود المرأة اليمنية المجاهدة أما وأختا في صناعة ملاحم الصمود، وغرس ثقافة العزة والكرامة ومبادئ الجهاد في وعي الأجيال.
كما نجدد التعهد لشعبنا اليمني العزيز بأننا نعمل على استرداد كافة حقوق الشعب والحفاظ على سيادته ومقدراته وثرواته، وندعو المواطنين في المناطق المحتلة لرفض التواجد العسكري لقوى الاحتلال، ونتوجه لدول العدوان بضرورة تنفيذ التزاماتها تجاه السلام وجبر الضرر الذي لحق باليمن جراء العدوان والحصار.
إننا نتقدم بأحر التعازي وأصدق المواساة لكل شهداء اليمن عامة، ونخص بالذكر شهداء الهجمات العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على الأحياء المدنية في مديرية التحرير ومحافظة الجوف، والحديدة، ونسأل الله للشهداء الرحمة والغفران، وأن يعصم قلوب ذويهم بالصبر والسلوان، والشفاء التام للجرحى، ونؤكد لشعبنا أن هذه الدماء الطاهرة لن تذهب هدراً، فهي في سبيل الله ونصرة لإخواننا في فلسطين، وأن القوات المسلحة اليمنية ستنفذ أقسى الضربات على الكيان الصهيوني المجرم. ونجدد التأكيد على أن الحكومة مستمرة في أداء مهامها وخدمة الشعب وأننا على ذات الطريق سنمضي في مسار التغيير الجذري قدماً حتى تحقيق بناء الدولة اليمنية الحديثة والعادلة على درب الشهداء الأبرار إن شاء الله.
الرحمة والخلود للشهداء، الشفاء للجرحى، الحرية للأسرى
والنصر لليمن وفلسطين وكل أحرار الأمة،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.