الهوية الإيمانية … درع الأمة في زمن التطبيع والحرب الناعمةق

✍بقلم //فيصل أحمد الهطفي

ليست الهوية الإيمانية ترفًا فكريًا أو شعارًا يُرفع عند الحاجة، بل هي جوهر الوجود، وسر البقاء، ومعنى الكرامة، وحدّ الفصل بين أمة حيّة وأمة مستلبة.

اليوم، نعيش صراعًا أخطر من الغارات والدمار، صراعًا على وعي الإنسان وقيمه وانتمائه، حتى لا يتحوّل إلى أداة بلا روح، أو جسد بلا إرادة، تابع بلا موقف، أو نسخة منقوصة من ذاته.

الحرب الناعمة والتطبيع اليوم تستهدفان تفريغ الإنسان من هويته، وتزييف وعيه، وإغراقه بقيم استهلاكية وثقافات غريبة، ومحاولة فصل الدين عن المبدأ، وطمس القيم الجوهرية التي تبني الأمة وتحميها.

يريدون أن يكون الإنسان مجرد متلقٍ سلبي، يتنازل عن كرامته باسم الواقعية، ويبرر الذل باسم العقلانية، ويعيش في وهم السلام المزيّف، بينما تضيع الثوابت، وتتلاشى الهويات.

لكن اليمن صمد، لأنه شعب متجذر في هويته الإيمانية، جذوره عميقة، سُقيت بالقرآن ورويت بالتضحيات، وحُفظت بالدماء.

صمود اليمن وثباته ليس حدثًا معجزيًا، بل نتيجة لهوية حيّة تتحوّل من فكرة في الذهن إلى موقف في الميدان، ومن عقيدة في القلب إلى فعل في الواقع.

الهوية الإيمانية تصوغ وعي الإنسان، تحدد موقفه، وتجعل الفرد عصيًا على التطويع، صعب الانكسار، واضح الرؤية، يعرف من هو، وأين يقف، ولماذا يقف. تُحفظ بالوعي، وبالتربية، وبالالتزام العملي، وبالاستعداد الدائم للدفاع عنها، حتى يكون البيت مدرسة، والمجتمع حصنًا، والموقف السياسي ترجمة صادقة للمبدأ لا انعكاسًا للضغوط أو المصالح العابرة.

الأعداء يسعون دومًا لتقويض هذا الصرح الروحي، بتحويل الدين إلى شعارات بلا أثر، وتزييف المفاهيم، وتشويه القيم، وإغراق المجتمع في انحلال ثقافي وأخلاقي.

لكن اليمن، بماضيه وحاضره، أثبت أن الهوية الإيمانية ليست طلاءً خارجيًا، بل جذورًا ضاربة في العمق، تُثمر الثبات والمقاومة، وتُكسب الإنسان القدرة على الصمود في أصعب الظروف، مهما اشتدت المحن وحاول المستكبرون النيل من عزيمته.

اليوم أمامنا خياران لا ثالث لهما: إما نصون هويتنا فنظل أمة حرة، قادرة على مواجهة كل أشكال التطبيع والحرب الناعمة، أو نُفرّط فيها فنصبح أدوات بيد الأعداء، بلا كرامة، بلا قرار، بلا موقف.

التمسك بالهوية ليس مجرد دفاع عن الذات، بل هو فعل جهادي، وموقف إيماني، وخيار حضاري، وإعلان صريح بأننا نرفض أن نكون نسخة مشوهة من أعدائنا، ونرفض أن نعيش بلا معنى.

مقالات ذات صلة