شهداء غزة الصحافيون الأكثر في تاريخ الحروب الحديثة

تهامة نيوز. تقرير | يحيى الشامي

على مشارف الموت أو بانتظاره يعيش الصحافيون في غزة مكابدين مرارة الجوع وقساوة الظروف في حربهم الخاصة، من أجل نقل الحقيقة، ومقاومة التكتيم، ومنع الحجب، وكسر الحظر الذي يجهد العدو الإسرائيلي فيه لعزل غزة عن العالم، وحجب أخبارها، وكلها منذ عامين نتاج جرائمه التي لم تتوقف بأدوات القتل والتنكيل والتجويع والتدمير بهدف التهجير، في ظلامة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً، بميزة حصرية غير مسبوقة هي البث الحي والعرض المباشر أمام مرأى العالم وسمعه وحواسه.

حتى استشهادِ أنس ورفاقه، يكون جيش العدو قد ارتكب أكبر مذبحة بحق الصحفيين في التاريخ، (238 صحفياً) وفق تقارير صادرة عن لجنة حماية الصحفيين وجامعة براون الأمريكية ومنظمات صحفية وحقوقية عدّة، يتجاوز هذا الحصاد -المصنّف بالأعلى في تاريخ النزاعات الحديثة- كل حصيلة في أي حروب أخرى منفردة أو حتى مجتمعة، وتتزامن هذه الأرقام مع منع دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة، واتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف متعمد للعاملين في المجال الإعلامي.

يفوق عدد شهداء الصحفيين في غزة إجمالي الصحفيين القتلى في أكبر حروب العصر: الحربين العالميتين الأولى والثانية (69 صحفياً) ، حرب فيتنام (63 صحفياً على مدى 20 عاماً)، حروب يوغوسلافيا وأفغانستان (أكثر من 150 صحفياً مجتمعة) 

تقول مجلة فورين بوليسي في تقرير سابق إن الحرب على غزّة هي “الحرب الأكثر دموية للصحفيين في التاريخ الحديث”.

شيءٌ آخر يجليه هذا الرقم يُحاول العدو إخفاءه، هو أن الجريمة الممنهجة خطة إبادة وتطهير عرقي وتهجير قسري يعتمد على القتل اليومي والتنكيل والتجويع، ومن أدوات إخفائه وحجبه قتل الصحافيين بهدف إعدام الحقيقة، والحقيقة أن حرب إبادة تجري لأول مرة أمام العالم بالبث الحي والنشر المباشر.

تؤكّد لجنة حماية الصحفيين أن 90% من الصحافيين الشهداء فلسطينيون محليون، يبرر العدو قتلهم بسبب ادعائه أنهم مرتبطون بالمقاومة، وتنفي التحقيقات الأممية ذلك، والحقيقة أنهم فلسطينيون يدافعون عن الحقيقة قبل أن يقاتلوا بها لتحرير بلدهم المحتل. 

كل الزوايا التي يُنظر منها إلى غزة تؤكد مظلوميتها الاستثنائية. 55% من الصحفيين القتلى عالمياً في 2024 كانوا في غزة (104 من أصل 189)، حيث يقتل العدو صحفياً كل 3 أيام.

– بموازاةِ قتل الصحفيين وتدمير مكاتب المؤسسات الإعلامية داخل غزة، يمنع العدوُ دخول الصحفيين الأجانب إليها (مُنذ أكتوبر 2023) حتى يوم أمس. كان آخر بيان أصدره مكتب الاعلام الحكومي في غزة ردّاً على إنكار العدو منع دخول الصحفيين.

في توصيف ما يجري تقول جامعة براون إنّ غزة تحوّلت إلى “مقبرة للأخبار” لتمويه حملة التطهير العرقي.

بينما يصف خبراء الأمم المتحدة مذبحة الصحفيين في غزة بجريمة حرب مُثبتة، لا يمكن تبريرها بأي ذريعة أمنية.

وتعلق لجنة حماية الصحفيين بالقول إن الكيان يُمارس حرباً لا هوادة فيها على الصحافة، ويتصرف بمنأى عن العقاب، فيما أكدت منظمة “مراسلون بلا حدود” أن العالم يشهد مفاوضات تُوَظَّف لشرعنة المجزرة، بينما تُدمَّر غزة بدم بارد، المؤكد -وسط كل هذا المشهد الدموي- أن العدو الإسرائيلي يُكمِّل مخطط الإبادة ويدخل فيها فصلاً جديداً يقوم على محو الذاكرة الفلسطينية عن طريق تدمير المكتبات والجامعات، وإسكات الأصوات الحية، وفرض روايته وسرديته التي يريدها لقلب الحقائق وتزييف الوقائع عبر الحصار الإعلامي وقتل الصحافيين.

لا تنهي إدانات الإبادة، ولا تتوقف توصيفات المجزرة، غزة بحاجة شيءٍ آخر، والآخر -في معتقد اليهود- مباح دمه وممتلكاته وأرضه. هنا مصاب البشرية ورزؤها وعجزها.   

مقالات ذات صلة