
الشهداء.. مِشعَلُ الجهاد لتحرير الأُمَّــة
الجهاد، البذل، الفداء، التضحية، ليست مُجَـرّد عناوين يردّدُها الإنسان، بل هي أُسُسٌ وقواعِدُ يتحَرَّكُ وينطلق منها مَن يعي عظمةَ هذه العناوين؛ فالجِهادُ في سبيل الله -تبارك وتعالى- بمفهومه الصحيح القرآني، البعيد عن التحريف والتزييف والتشويه كما يقدمه بعض أعداء دين الله تعالى، وأعداء البشرية جمعاء، فهو العنوان الأول والشامل والأَسَاس للانطلاقة في سبيل الله سبحانه وتعالى.
آلاء غالب الحمزي
الانطلاقةُ مِن أجلِ الدين، والدفاعُ عن المقدسات، ورفع راية الحق هي المبتغى والأَسَاس؛ لأنه عندما يسلَمُ الدين تسلَمُ الأشياءُ كُلُّها، وهذا ما قدَّمه لنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عندما أخبره النبي صلواتُ الله عليه وآله أن لحيتَه ستخضِبُ من دم رأسه، فكان همه الأول متجلِّيًا في جوابه رضوان الله عليه: “أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟” فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “نعم”، فلم يبالِ عليه السلام بحياته ما دام هناك سلامة لدينه!
فسلامة الدين تعني: سلامة الإيمان، وسلامة العقيدة، وسلامة الأعراض، والممتلكات، والأرواح، والدماء، وكل شيء؛ لأن دين الله فيه السلامة والوقاية، بل والحماية.
ولأنه -بطبيعة الحال، وبطبيعة الصراع- يوجد باطل، ويوجد محتلّون وشُذَّاذ الآفاق، ممن يطمعون في نهب الأرض والثروات والمقدرات، وُصُـولًا إلى انتهاك الأعراض والمقدسات؛ كان لا بد من الجهاد والوقوف بوجه هذا الطغيان، وبوجه الاستكبار.
فالجهاد والتحَرّك في سبيل الله هو الحل لهذه الأُمَّــة؛ للخروج من حالة الذلة، والخنوع، والجمود، والسكوت، إلى حالة العزة، والشموخ، والتحَرّك، والموقف.
وهي سُنَّةٌ إلهيةٌ منذ خلق الله العظيم هذا الوجود إلى أن تقوم الساعة؛ أنه لن تنتصر أُمَّـة، ولن تقوم هامة شعب ما لم ترفع راية الجهاد، ويكون لديها الاستعداد العالي للتضحية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
فالمجاهدون ودماء الشهداء تمثل وقود الثورة، وبهم -وبعد تأييد الله تعالى لهم- تنتصر الأُمَّــة، وتتحرّر من كُـلّ القيود التي يريد أن يفرضها الطاغوت، وتُثَبَّت دعائم ركائزها، ومنهجها، وقيادتها، ودعائم استقرارها، وسيادتها، وحريتها، واستقلالها.
والأحداث والشواهد تشهدُ بأنه فعلًا في كُـلّ مراحل البشرية، لن يرتقي شعب، ولم تقم أية حضارة، ولم يتحقّق أمن، ولا أي تقدم ما لم يكن هناك شهداء، ما لم تكن هناك تضحية.
ولم يندحر أي طاغوت، ولا مستكبر، ولا مجرم، ما لم يكن هناك من يردعه، ويقف بوجهه.
وها نحن اليوم نخوض أشرس معركة، مع الطاغوت المستكبر المجرم، العدوّ الصهيوني ومعه الأمريكي في كُـلّ المجالات، وُصُـولًا إلى المعركة العسكرية، فحمل ثقافة الجهاد، وثقافة الشهادة والاستشهاد، كفيلة بفك القيود وتحرير الأُمَّــة، وهذا ما أثبته الواقع بالمجاهدين والشهداء، فالطاغوت اليوم يتهاوى ويضعف ويندحر؛ فدماء الشهداء هي الطوفان الذي سيجرف عروشه وكل مقدراته وسيغرقه في مستنقع إجرامه، وبتحَرّك الصادقين من أبناء هذه الأُمَّــة الأحرار والأوفياء والمخلصين لدماء الشهداء، سيواصلون ما بدأه الشهداء، ويكملون مسيرة البذل والعطاء، والجهاد والحرية.



