هادي للسعودية فقط

مروان حليصي

عقب إقالة الفار هادي لمحافظ محافظة عدن عيدروس الزبيدي وتعيينه سفيرآ في الخارجية وتعيين عبدالعزيز المفلحي محافظآ بدلآ عنه ، وإقالة وزير الدولة السلفي هاني بن بريك وإحالته للمحاكمة بتهم فساد ، وكلاهما يعتبران الأذرع الرئيسية للإمارات في جنوب البلاد، ظن البعض ان هذه الخطوة التصعيدية في وجه الإمارات جاءت من الفار هادي ردآ على استفراد الإمارات بالقرار في جنوب البلاد وإقدامها منفردة مؤخرآ دون التشاور مع هادي على تنظيم “مؤتمر حضرموت الجامع” الذي تهدف من وراءه الى فصل حضرموت عن الكيان اليمني ، حيث نصت وثيقته على اعتبار حضرموت إقليمآ لوحدها ، مع احتفاظ المحافظة بحق الانسحاب من الدولة الإتحادية ، “يحق لابناء حضرموت ترك الاتحاد متى ما رأو انه لم يعد على النحو الذي اتفقو عليه” ، ما يؤكد النوايا المبيتة في تجزئه البلاد وتحويلها الى كنتونات صغيرة.

رغم ان تلك الخطوات الاماراتية تمثل إكبر إهانة للفار لهادي وحكومته وتجسد الإحتلال الفعلي الذي تمارسه دويلة الإمارات على جنوب البلاد، لكونها جاءت قبل إعلان الفار هادي المرتقب لمشروع الاقاليم المرفرض شعبيآ ، فضلآ عن كونها اعتمدت حضرموت إقليمآ لوحدها بهدف تقسيم الجنوب الى عدة اقاليم ، وهو ما ترفضه اغلب القيادة الجنوبية المنادية بالإنفصال ، إلا ان هادي بتصعيده ضد الامارات لم يكن من باب ممارسة مهامه او الإنتقام من الإماراتيين لاستفرادهم بالقرار في الجنوب ، وإنما تنفيذآ لإملاءات سعودية ازعجتها خطوات شقيقتها في جنوب البلاد دون اكتراثها بمصالحها ، ولو عدنا للوراء قليلآ وتذكرنا عجز هادي عن رد الإعتبار لنفسه عندما منع الاماراتين طائرته من الهبوط في مطار عدن ما اضطره الهبوط بطائرته في جزيرة سقطرى وإستخدام الإمارات لطيران الاباتشي لاستهداف قوات الحماية الرئاسية التابعة لهادي في عدن عقب محاولتها تنفيذ قرار هادي بإقالة قائد حراسة مطار عدن المقدم صالح العميري التابع للامارات بالقوة، وكيف ان السعودية اوعزت حينها لهادي بالتصالح مع الامارات بدلآ من مواجهتها ، وهو ما ترجمه هادي بزيارة الى ابوظبي لم يحظى خلالها بأي استقبال يليق به ولم يتمكن من لقاء ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد ،وعاد منها بعد ساعتين من زيارتها الى الرياض مكسور الخاطر دون وسعه فعل شي حيال ذلك ، وكانت هي الإهانة الثانية له على يد الاماراتين خلال اقل من شهر.

حيث لم تكن قرارات الفار هادي بإقالة الزبيدي عدن وبن بريك إلا بإيعاز وأوامر سعودية له ، وانه لو لا الضوء الاخضر له من قبل السعودية لما تجرأ على ذلك ،وذلك بعد استشعار المملكة لخطر الدور الاماراتي في حضرموت الهادف الى دعم انفصالها عن اليمن والسيطرة عليها ،بينما هي لازالت تشكل مطمعآ سعوديآ ، على الرغم ان تحركات الإمارات ليست من ذاتها ، بل انها تجسيد لإجندة خارجية وبضوء اخضر امريكي ساير اصحابه خطوات السعودية ابطاء التحركات الاماراتية في استكمال انفصال حضرموت عبر قرارات الإقالة التي اصدرها هادي للزبيدي وبن بريك ، حتى يستمر إغداق المملكة عليهم بالبترودولار ، و لن يتوانو لاحقآ في التلويح للامارات باستكمال مخطط التقسيم الذي هو مطلب امريكي وبريطاني وصهيوني حتى ولو اقتضى ذلك القفز على كل المصالح السعودية.

ونستنتج مما سبق ان هادي اصبح دوره يقتصر على ترجيح كفة السعودية على كفة ابوظبي في الجنوب ، وان بقاءه مجرد غطاء لتنفيذ السعودية مخططاتها واهداف عدوانها في البلاد، وتستخدم سلطته لكبح جماح شقيتها الامارات، باعتباره الورقة الرابحة التي تلوح بها في وجه النزعة الاماراتية في التفرد بكل القضايا المتعلقة بالجنوب ، فهو لم يعد للجنوب ولا للبلاد بأكملها ولا حتى لنفسه التي عجز عن صون كرامتها ، ولا يملك القرار في شي ،
وبقاء سلطته المستمدة شرعيتها من شرعية العدوان هو لشرعنه استمرار العدوان وخدمة الأجندة السعودية ومشاريع اربابها، ولن تتوانى السعودية في التخلي عنه متى ما رأت انه اصبح عبأ عليها ،او حاول ان يغرد خارج سربها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة