ذي إيكونوميست : السعودية تتراجع على مختلف الجبهات

[09/ديسمبر/2016م]

متابعات – تهامة نيوز

ذي إيكونوميست

مجيء دونالد ترامب هو سبب آخر لضبط النفس. كلاهما يمارسان لعبة الوقت” بحسب ما يقول عدنان الطبطبائي المدير التنفيذي لمعهد كاربو الألماني للبحوث والدراسات والذي يدير محادثات غير رسمية بين السعوديين والإيرانيين. كلاهما يخشيان من صيت ترامب في الخطوات المتسرعة، حتى إن أميراً سعودياً بارزاً طالبه بعدم إلغاء الاتفاق الشامل الذي حدّد البرنامج النووي الإيراني.

تجد المملكة نفسها في تراجع على كل الجبهات من سوريا إلى اليمن ولبنان وإيران

تجد المملكة نفسها في تراجع على كل الجبهات من سوريا إلى اليمن ولبنان وإيران

في كانون الثاني/ يناير من هذا العام أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد الشاب الذي يدير البلاد فعلياً، وضع حدّ لغيبوبة بلاده في السياسة الخارجية والإصرار على صدّ إيران. بدا المتمردون السوريون الذين دعمهم غير قابلين للهزيمة في حلب. ضباطه تحدثوا عن السيطرة الوشيكة على العاصمة اليمنية صنعاء وأخذها من المتمردين الحوثيين الذين استولوا عليها. منع إيران والميليشيا التابعة لها، حزب الله، من فرض خيارهما لمنصب الرئيس اللبناني. وتحدث المسؤولون عن إفلاس إيران من خلال إشباع السوق النفطية بغض النظر عن رغبات الشركاء في أوبك، حتى إن السفير السعودي عاد إلى بغداد للمرة الأولى منذ 25 سنة.

ولكن مع نهاية العام تجد المملكة نفسها في تراجع على كل الجبهات. سحب سفيرها من العراق، هارباً من سيل الإهانات التي وجهها له السياسيون الشيعة الذين يتطلعون نحو إيران. المتمردون في حلب، الذين يتعرضون للقصف من قبل القوات الإيرانية والروسية والسورية على وشك الهزيمة.

 

السعوديون رضخوا للخيار الذي تفضله إيران في منصب الرئيس اللبناني. وخلال اجتماع أوبك في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر تمت الموافقة على تحمل الحصة الأكبر من خفض الإنتاج في محاولة لاستعادة الأسعار في حين تركت إيران ترفع إنتاجها إلى المستويات التي كان عليها قبل العقوبات.

 

في اليمن، يبدو خصوم السعودية الحوثيون عازمين على رفض أي خروج مشرّف للأمير محمد من خلال مواصلة شن الغارات عند الحدود والإعلان عن حكومتهم الجديدة الأسبوع الماضي بدلاً من الموافقة على تشكيل حكومة تضمّ الرئيس المنفي كما يريد الأمير. يقول مسؤول إيراني “إن اليمن سيكون فيتنام السعودية، مضيفاً إنه “يقلل من الهيبة العسكرية والدبلوماسية للسعودية”. يقول “في حال وافقت السعودية على مغادرة بقية دول المنطقة فإن إيران ستسمح لها بالاحتفاظ بالبحرين”، الجزيرة الصغيرة التي يربطها جسر بالساحل الشرقي السعودي.هذا الحظ المعاكس يعود في جزء كبير منه إلى الدعم العسكري الإيراني للشيعة في العالم العربي والقوات الحليفة مثل الرئيس السوري بشار الأسد والجيش العراقي والقوات شبه العسكرية وحزب الله، الحزب السياسي الذي يملك ميليشيا.

 

يقول الجنرال أحمد عسيري مستشار ولي ولي العهد لحرب اليمن معترضاً “إنهم يحيطون بنا من خلال الميليشيات”. لكن السعودية هي الأخرى تفقد القوة الناعمة، من خلال وقف تمويلها لحلفائها السنة التقليديين الذين بدأوا يبحثون في مكان آخر. ففي ظل الأزمة التي تعيشها الشركة التي يمتلكها في السعودية بسبب قطع الدعم الحكومي عنها، قبل سعد الحريري الذي يرأس تكتلاً سنياً في لبنان بمنصب رئيس الحكومة تحت خيار حزب الله للرئاسة. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ينفتح على سوريا وروسيا وحتى إيران بعد وقف السعودية شحنات النفط المجاني.

في ظل هذه المعمعة في العلاقات على صعيد المنطقة يحاول الأمير تعزيز العلاقات مع إمارات في حديقته الخلفية. الملك سلمان قام بزيارة نادرة لأربع دول خليجية في مطلع كانون الأول/ ديسمبر. القمة في العاصمة البحرينية المنامة التي انتهت في السابع من الشهر الجاري هدفت للدفع بخطط لتحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد خليجي مع تنسيق دفاعي أكثر تشدداً. ولكن حتى هذه الخطوة لا توجد قناعة مشتركة حولها. تقول بيكا واسر المتخصصة في شؤون الخليج في مؤسسة راند “إن ثمة خوف كامن من الهيمنة السعودية” مشيرة إلى أن “سلطنة عمان على وجه الخصوص تفضل بأن تكون شبه منفصلة”.

 

مع ذلك تحدى اتفاق أوبك التوقعات بالإشارة إلى أنه بوسع إيران والسعودية تقديم أولوياتهما الإقتصادية على المواجهة الإقليمية. كلتاهما فشلتا في تغطية إنفاقهما المحلي ناهيك عن خوضهما مغامرات خارجية. يقول الصندوق الدولي إن الحكومة الإيرانية تحتاج لأن يصل سعر برميل النفط إلى 55 دولار فيما تحتاج السعودية لأن يكون 80 دولاراً. بحسب خبير اقتصادي سابق في البنك الدولي فإنه ليس بوسع منتجي النفط مواصلة الحروب الخارجية وبالوكالة التي بدأوها حين كان سعر النفط 120 دولاراً للبرميل” مضيفاً “لقد أدركوا أنهم يحتاجون للتغيير”.

يقول مسؤول إيراني “إن تحقيق الاستقرار والحدود المفتوحة على نحو أكبر يمكن أن يساعدا إيران أيضاً على إيجاد أسواق جديدة لصادرات أخرى مثل السيارات والإسمنت”.

 

مجيء دونالد ترامب هو سبب آخر لضبط النفس. كلاهما يمارسان لعبة الوقت” بحسب ما يقول عدنان الطبطبائي المدير التنفيذي لمعهد كاربو الألماني للبحوث والدراسات والذي يدير محادثات غير رسمية بين السعوديين والإيرانيين. كلاهما يخشى من صيت ترامب في الخطوات المتسرعة، حتى إن أميراً سعودياً بارزاً طالبه بعدم إلغاء الاتفاق الشامل الذي حدّد البرنامج النووي الإيراني. ويبدو أن كلا الجانبين غير متأكدين مما إذا كان سيشدد العقوبات على إيران أو سيصعّد بما يتعلق بقانون جاستا، القانون الجديد الذي يسمح للأميركيين بمقاضاة السعودية على خلفية خسائرهم في 11 أيلول/ سبتمبر 2001. وقبل كل شيء وبالرغم من تأثير المتشددين في كلا المعسكرين فإن أياً منهما لا يرغب بأي شيء يشبه الحرب المباشرة بينهما.

 

لكن التوتر لا ينحسر بل على العكس تماماً. فالسعودية قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران في كانون الثاني/ يناير بسبب الهجوم على سفارتها في طهران في أعقاب إعدام رجل دين شيعي بارز وثلاثة آخرين. وجاءت هذا الأسبوع أخبار الحكم بإعدام 15 شيعياً آخر في السعودية بتهمة التجسس لصالح إيران.

نقلاً عن | الميادين نت

مقالات ذات صلة