اليمن تباد: اطراف الصراع بلا مشروع وطني، وطفل يموت كل 10 دقائق
بقلم/ منى صفوان
يذهب اليمنيون للحرب، دون قارب سياسية للعودة، وبلا خطة وبلا مشروع وطني، ان فرص الصراع في اليمن، اكثر من فرص السلام، جملة محبطة يمكن بها اعادة صياغة حقيقة الوضع في اليمن، حيث تفتح الجبهات تباعا، دون حسم عسكري لاي منها، ودون مسار سياسي يمكن الاتكاء عليه.
كل ما يحدث هو تصعيد سياسي، لزيادة فرص الصراع، وليس العكس، اي ليست معارك تفتح لتحسين شروط التفاوض السياسي.
لقد اثبتت شهور الصراع الطويلة، ان كل الاطراف في اليمن بلا خبرة وبلا عقل سياسي، وليس فقط الحوثيين للاسف، واكدت الجميع انهم بلا مشروع وطني، مشروع جامع يمكنه ان يذيب الفروق، ويوحد اليمنيين، وتتلاشى امامه جميع الجماعات المسلحة.
فلو كانت الحكومة لديها مشروع وطني لكانت انقذت اليمن بعد اسابيع من انطلاق عاصفة الحزم، ولو كان الانقلابيون لديهم مشروع وطني، لامكنهم ادراة البلاد بالمناطق التي سيطروا عليها ، وجعلوها في وضع افضل.
الحرب ليست الا فرصة للبقاء لدى جميع الاطراف ” الشرعي والانقلابي” فالانقلابيون لايمكنهم الا البقاء باستمرار الحرب وامتلاك السلاح والسيطرة السياسية بقوة السلاح، وكذلك الحكومة المنفية في الرياض والخليج، لاقيمة حقيقة لها على الارض الا ببقاء الحرب، وشرعيتها تستمدها من اطالة امد الصراع، لانها بلا سلطة حقيقة وبلا سيطرة “حتى وان عادت الحكومة وهادي الى عدن” فليس لديهم قرار سياسي منفصل عن دول الخليج.
ان تاريخ اليمن القريب والبعيد، كان هو تاريخ الحروب والصراع، ولعل هذا جزء من تاريخ العالم الدموي، حيث ان عمر البشرية التي قضته بسلام دون حروب لا يتجاوز اكثر من 40 سنة متفرقة، ولكن الجميع يذهب للحرب لتحسين شروط التفاوض، والضغط في المسار السياسي، ولفرض قوته وسيطرته ليمكنه الحكم او الاشتراك بالحكم، الا اليمنيين الذي يغامرون بالحرب دون خطة سياسية، ودون قارب سياسي للعودة من الحرب.
يمكن للاطراف المتصارعة في اليمن الاستمرار الى ما لانهاية في حرب عبثية تساق عبر مسارات شتى ” حرب اهلية- وحرب اقليمية- وجزء من صراع الاجنحة الخليجي” يمكنهم البقاء في حجيم حروب الانتقام والثار دون تعب، لدرجة انهم يمكنهم استنزاف الخليج بهذه الحرب، فان كانت لدى السعودية نية للخروج من الورطة اليمنية، فان الاطراف اليمنية لن تسمح لها، واقصد هنا حلفائها ” حكومة الشرعية وحزب الاصلاح الاسلامي” وان كانت الامارات تريد تقليص تواجدها العسكري والبدء باستثمار تواجدها الاقتصادي، فان الجماعات الاسلامية المتطرفة في عدن والجنوب ايضا لن تسمح لها.
الخليج تورط في لعبة اليمنيين ، فهذه الحرب لها ثلاث مسارات ، مسار الحرب الاهلية وهي الجرح اليمني المفتوح منذ عقود، ومسار الحرب الاقليمية والدولية بين ايران والسعودية وروسيا وامريكا، واخيرا مسار الصراع الخليجي – الخليجي، حيث ترفض الامارت عودة او تواجد الاخوان المسلمين وحزب الاصلاح والجماعات السلفية، في حين تدعمهم السعودية وقطر.
دور سلطنة عمان
ووسط هذا الجحيم المفتوح في اليمن، تبرز “سلطنة عمان” كحكيم المنطقة، الرجل الراشد وسط مجموعة المراهقين، واثبتت شهور عاصفة الحزم ان السلطنة كان لديها كل الحق في عدم الاشتراك بالحملة العسكرية على اليمن.
فلقد التزمت عمان الحياد الايجابي، من حرب اليمن، كما هي في سوريا وكما هو تاريخها منذ السبعينيات، وهذا يؤهلها لدور الوسيط، وتبقى احدى اوراق الحل التي يحتاجها اليمنيون والخليج والسعودية اولهم.
فلقد استفادت السعودية من الدور العماني في ازمة اليمن، بقدرتها على التواصل مع كل الاطراف، وهذا امر ضروري، في وقت تضرب فيه مصداقية الامم المتحدة ويتم فيها اتهام المندوب الدولي من قبل كل الاطراف.
لهذا لاامل لاي حل في اليمن الا بتمرير “الحل الطارئ”، وهو اشتراك جميع اطراف الصراع في الحكم، برغم ان جميعهم غير مؤهل للحكم، لانه سبب ما حدث لليمن خلال عقود، وسبب هذه الحرب العبثية، ولانهم جميعا بلا مشروع وطني.
ولان دول الخليج ذهبت ايضا للحرب بلا رؤية واضحة لما تريده بالضبط، اعطت اشارة البدء، دون ان تراجع افق الحل، فلا هي قضت على الحوثيين، كما كانت تدعي، ولا هي ضغطت لتمرير حل يمني سياسي، ففقدت قدرتها على التواصل مع الداخل اليمني والمؤثرين في الداخل، وهذا ما تمتلكته سلطنة عمان، لان في الاخير السعودية ستحتاج لتمرير حل سياسي يحفظ لها حدودها وستجتاج لضمانة جارتها العمانية ، لهذا جاء اتفاق مسقط، الذي وقع عليه الحوثيون قبل اسابيع، وعرف بمادرة كيري، لكن السعودية مستفيد كبير منه لانه يتحدث عن انسحاب الحوثيين 30 كيلو متر من الحدود والاراضي التي كانوا قد توغلوا فيها.
اذن لاحل الا بالتوافق المرحلى على الاقل، لانقاذ ما تبقى في اليمن، رحمة باليمني البسيط، رحمة بالاطفال الذين يموتون من المجاعة، رحمة بالمعاناة الصامتة، والتي لا ينقلها احد، ولا يهتم لها الاعلام، ولا نشطاء التواصل الاجتماعي، ولا تسيير من اجلها قوافل الهاشتاج.
ان طفل يمني يموت كل عشر دقائق، عليك ان تضبط ساعتك على هذا التوقيت، ابكي على من اردت في ارجاء المعمورة، ولكن لاتنسى ان تبكي طفل يمني يموت امام مراى من العالم، ولايهتم له احد، اليمن تباد، لكن الفرق انها تباد بصمت، وتخاذل، وبخيانة واتفاق كل اطراف الصراع.
*كاتبة يمنية
*نقلا عن رأي اليوم