ثورة 21 سبتمبر.. من وحي الصمود إلى فجر الاستقلال

أمل عباس الحملي

​من وحي الصمود اليمني، انبثقت ثورة 21 سبتمبر، لتُعيد للشعب حريّتَه واستقلالَه، فالثورة لم وليدةَ لحظةٍ عابرةٍ، بل كانت نتاجًا لتراكماتٍ منَ الظلمِ والقهرِ الاجتماعيِّ، وغايتُها تغييرُ الأوضاعِ القائمةِ تغييرًا جذريًا.

 إنها ثورةُ الأحرارِ التي أنقذت شعبًا عانى منَ القمعِ والاستغلالِ، ونقلت اليمنَ من عصر الهيمنة والتدخلات الخارجية إلى عصر الاستقلال والحرية، وكشفت لنا بالأدلةِ من هم الطغاة، وعملاءُ أمريكا التي سعت لإخضاعِ وطنِنا.

وتتجلّى عظمةُ هذهِ الثورةِ في أنّها لم تُترك للمجهولِ، بل حظيت بوجودِ قيادةٍ حكيمةٍ وواعيةٍ، فقد أدركَ الشعبُ اليمنيُّ أنَّ وجودَ قائدٍ عظيم كالسيدِ عبدِ الملكِ بدر الدين الحوثيِّ -يحفظه الله- كانَ الشرطَ الأساسيَّ لنجاحِ الثورةِ واستمراريّتِها.

 هذهِ القيادةُ لم تكتفِ بتعبئةِ الجماهيرِ، بل عملت على تحصينِ الثورةِ من محاولاتِ الاختراقِ وحرفِ مسارِها، ومضت بها نحوَ تحقيقِ أهدافِها الساميةِ، وبفضلِ هذهِ الرؤيةِ الثاقبةِ، تمكّنَتِ الثورةُ من تجاوزِ التحدّياتِ وصولًا إلى بناءِ نظامٍ بديلٍ يعكسُ تطلّعاتِ الشعبِ.

وجاءت الثورةُ لتصحيحِ مسارِ الثوراتِ اليمنيةِ السابقةِ، وتهدُفُ إلى بناءِ دولةٍ قويةٍ وعادلةٍ، والقضاءِ على الفسادِ والاستبدادِ، والتحرّرِ منَ الهيمنةِ والوصايةِ الخارجيةِ، فكان من أبرزِ منجزاتِها، التحرّرُ منَ الوصايةِ الخارجيةِ، وهوَ أولُ وأكبرُ إنجازٍ، حيثُ استعادَ الشعبُ اليمنيُّ حقّهُ في الاستقلالِ والسيادةِ والحرّيّةِ بعدَ عقودٍ منَ التبعيّةِ،  كما تمكّنَتِ الثورةُ من إسقاطِ منظومةِ الفسادِ ومراكزِ القوىِ المتنفّذةِ والعميلةِ للغربِ، ونجحت في منعِ انهيارِ مؤسساتِ الدولةِ، وفرضت الأمنَ والاستقرارَ في مناطقِ نفوذِها.

 بالإضافةِ إلى ذلكَ، كسرتِ الثورةُ مفهومَ “البلدِ الضّعيفِ” و”الجيشِ الفقيرِ” الذي يخسرُ الحربَ، لتخلقَ مفاهيمَ جديدةً مفادُها أنَّ السيادةَ تُنتزعُ والعزّةَ تُفرضُ، وأنَّ الإيمانَ بالقضيّةِ أقوى من أيِّ إمكانيّاتٍ عسكريّةٍ.

وتُعدُّ هذهِ الثورةُ بمثابةِ آيةٍ فُصِّلَت في ملاحمِ البطولةِ، ونالت شرفَها في مراسمِ الرجولةِ.. إنها ثورةُ الأبرارِ التي تصولُ في النفوسِ وتجولُ في الطقوسِ، حاملةً معها روحًا جديدةً منَ العزّةِ والكرامةِ، ولا يُمكنُنا أبدًا أن ننسى أنَّ النصرَ لم يكن مجانًا، بل كانَ ثمَنًا غالٍ قدّمهِ رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليهِ.

لقد كانَ لهؤلاءِ الرجالِ دورٌ محوريٌّ في حفظِ الأمنِ والاستقرارِ، ومواجهةِ مخطّطاتِ العدوانِ، والحفاظِ على المؤسسةِ الأمنيةِ، فقد كانوا في مقدّمةِ الصفوفِ، يشكّلونَ النواةَ الأولى للجانِ الأمنيةِ، التي تمكّنت من حفظِ الأمنِ ومحاربةِ الجريمةِ في مرحلةٍ كانت على المستوىِ الأمنيِّ من أصعبِ المراحلِ التي عاشها أبناءُ هذاِ البلدِ.

 لم يقتصر دورُهم على ذلكَ، بل ساهموا بوعيهم ودمائهم في إفشالِ مخطّطاتِ العدوانِ التي كانت تستهدفُ أمنَ واستقرارَ اليمنِ.

لقد رسموا للعصرِ خارطةَ النجاةِ، رَدعًا للخنوعِ والجمودِ، فكانت قضيتُهم مقدّسةً، تجلّت في الدفاعِ عن الأرضِ والعرضِ، وبدمائهم يُصنعُ النصرُ الموعودُ كلَّ يومٍ، ولقد حقّقوا -بفضلِ اللهِ تعالى لليمنِ- قيادةً وجيشًا وشعبًا، ما أرادوا للأجيالِ أن تعيشَ حرّةً، أبِيّةً، وغنيّةً، خاليةً من الوَهنِ والخسارةِ، متحرّرينَ منَ التبعيّةِ والوصايةِ الخارجيةِ.

فالسلامُ عليكَ أيّها الشعبُ اليمنيُّ الأعزُّ، يا من صاغَ قلوبَكم للهِ الأحدِ، فأدركت عقولُكم من مهدِ القيادةِ الحكيمةِ، (أبا جبريل) كاسرُ عينِ كيان العدو الإسرائيلي، فاليومَ أنتم المنتصرونَ، من محرابِ السلامِ الذي لا يعرفُ الاستسلامَ.

مقالات ذات صلة