[17/نوفمبر/2016م]
متابعات – تهامة نيوز
تزامن فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مع نجاح الحزب في إبقاء السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في نفس اليوم. هذا الحادث کان من المفترض أن يستتبع ارتياح الجمهوريين، لکن الرئيس الجديد بدلاً من أن يکون ممثل حزبه، کان ردة فعل المجتمع الأمريکي تجاه آرائه وتوجهاته.
دونالد ترامب وفي الشعارات التي رفعها أثناء حملته الانتخابية، إذ رفض السلوك المحافظ الذي هو الميزة الرئيسية للجمهوريين، أعلن أنه يريد عن طريق خفض الإنفاق العسكري، حل الأزمات الخارجية عبر التسويات. کما أکد أيضاً أنه سيركز بشکل خاص على الاقتصاد المحلي، وفي هذا السياق يقوم بترحيل المهاجرين المكسيكيين والمسلمين غير الشرعيين من هذا البلد.
الحملات الدعائية لترامب والتي اتسمت بالنهج المناهض للعولمة، مكافحة النزعة العسكرية، مكافحة العنصرية والتحيز الجنسي، أکثر من أن تکون متأثرةً بالحزب الجمهوري الأمريكي، هي مشابهة لأفكار اليمين المتطرف. ولکنه في کل الأحوال قد نجح في أن يصل إلی البيت الأبيض بعد مغادرة باراك أوباما، رغم أنه ليس ممثلاً لحزبه بشکل کامل و في هذه الظروف، سوف يواجه ترامب العديد من المشاكل.
في الحملات الانتخابية، استطاعت هيلاري كلينتون الفوز بأصوات معظم الناس الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، ولكن بما أن أصوات المجمع الانتخابي هي التي تحدد في نهاية المطاف الفائز، قد هُزمت أمام ترامب. من هنا فإن الرئيس الجديد وفي أول تحدٍ داخلي له، سيکون في مواجهة مطالب غالبية الناخبين الذين كانوا يعارضون فوزه، وهذه المسألة يمكن أن تسبب الكثير من الضغط علی ترامب في اتخاذه للقرارات.
من ناحية أخرى فإن مواقف ترامب خلال حملته الانتخابية، قد أحدثت فجوةً بين الجمهوريين، لدرجة أن البعض منهم بما في ذلك جميع عائلة جورج بوش السياسية قد صوتوا لصالح هيلاري كلينتون. ومع ذلك من المقرر الآن أن يدخل ترامب إلى البيت الابيض كرئيسٍ للجمهورية منذ يناير، ويتخذ القرارات حيال القضايا الجزئية والكلية لأمريكا. في هذه الحالة، ينبغي علی أعضاء الحزب ولتجنب تشويه صورة الجمهوريين لدی الرأي العام، السيطرة على هيكل السلطة.
فإذا فشل الرئيس الجديد في الوفاء بوعوده، ليس المستقبل السياسي لترامب هو الوحيد الذي سيشوَّه، بل الحزب الجمهوري سيکون المتضرر الرئيسي. من هنا فإن الحل أمام الجمهوريين ونظراً لسيطرتهم علی مجلسي الشيوخ والنواب، هو تقسيم مجالات القوة.
المؤشر الحاسم في كيفية تعامل الجمهوريين مع ترامب، هو التوجهات المتناقضة لوزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس الجديد. هذا في حين أن ترامب له توجهات مختلفة في السياسة الخارجية، ويأمل في الحد من النزعة العسکرية والتدخل العسكري لأمريكا في العالم.
النهج المتناقضة لوزارة الخارجية أيضاً تشير إلی أن وزير الدفاع يحظی بمکانة أعلی من وزير الخارجية في الحزب، وفي هذه الحالة وبعد ثماني سنوات، ستعود وزارة الخارجية إلی سيطرة وزارة الدفاع الأمريكية مرةً أخرى.
قبول هذا الوضع من قبل ترامب، يبدو ضرورياً لأن عدم مقبوليته داخل الحزب الجمهوري سيعرضه لمشكلة بناء توافق في الآراء في عملية إدارة البلاد. وإذا رفض الرئيس المنتخب القبول بهذا التقسيم للسلطة، فإنه سيواجه الطريق المسدود في تسيير سياساته في مجلسي الشيوخ والنواب. ذلك أن الجمهوريين المعارضين لترامب أظهروا أنهم إذا اقتضى الأمر وللوقوف ضد رغباته، سيكونون على استعداد حتى للتصويت لصالح الديمقراطيين.
من هنا سيوکل إلی ترامب الشأن الداخلي، وبطبيعة الحال ووفقاً لنجاحاته الاقتصادية الشخصية، يمكنه الوفاء ببرامجه وشعاراته في تغيير الوضع المعيشي للشعب الأمريکي. خاصةً أن ترامب وفيما يخص الشأن الاقتصادي والاقتصاد الكلي علی وجه الخصوص، ليس بحاجة إلی مرافقة حزبه له کثيراً.
بالنظر إلی هذه المسائل لا ينبغي أن نعتقد بأن اختلاف آراء ترامب مع الخطاب التقليدي للجمهوريين، يمكن أن يكون مصدراً لتغييرات في مستقبل هذا الحزب. وفي الواقع لا يمكن لأحد أن يغيِّر هيكل السلطة في أمريكا بهذا الشکل. خاصةً أن ترامب لا يحظی بمقبولية في صفوف الجمهوريين، والذين دعموه قد فعلوا ذلك للوصول إلی الهدف وفي سبيل إجراء تکتيکي وليس إستراتيجياً.
لذلك فإن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في عام 2018، يمکن أن تکون فرصةً لاستعادة الوحدة بين الجمهوريين، ليظهروا أن الأحزاب الحديثة وعلى الرغم من تقلبات كثيرة، ستبقی صامدةً بسبب المرونة فقط، ولا تخضع للتغيير بسهولة.